رحلة متقلبة في الأسواق: تحليل شهر يناير واستراتيجيتي في التداول

كيف يُمكنك البقاء في صدارة سوقٍ مُتقلّب؟ في هذا التحليل، يسلط خبير التداول إنكي تشو Inki Cho الضوء على التقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق في يناير 2025، ويكشف كيف يمكن لهذه الاتجاهات أن تساعدك في اتخاذ قرارات مالية ذكية للأشهر القادمة.

شهد شهر يناير اضطرابات حادة في الأسواق المالية، حيث تراوحت الأحداث بين تقلبات سعرية كبيرة والتحديات الجيوسياسية التي أثرت على أداء الأصول المالية. في هذا التقرير، سنناقش أبرز الاتجاهات التي حركت الأسواق، ونستعرض أهم المؤشرات التي يجب مراقبتها خلال الأسابيع القادمة.

الأفكار الرئيسية المستخلصة

1. تقلبات السوق: من ربح ومن خسر؟ شهد شهر يناير تقلبات سعرية استثنائية، تصدرها الغاز الطبيعي والبيتكوين. لكن هل استفاد جميع المتداولين من هذه الفوضى، أم أن البعض تكبد خسائر؟ 2. الذهب يحافظ على بريقه، لكن هل يُغيّر المستثمرون رهاناتهم؟ حافظ الذهب على مكانته كملاذ آمن، لكن المؤشرات الأوروبية سرقت الأضواء بهدوء. فهل هذا مؤشر على تحول المستثمرين نحو خيارات استثمارية بعيدًا عن الأصول التقليدية الآمنة؟ 3. قوة الدولار قيد الاختبار – ما الذي يحمله المستقبل؟ حافظ الدولار الأمريكي على قوته خلال يناير، لكن البيانات الاقتصادية المقبلة والتغيرات في السياسات التجارية قد تؤثر على هيمنته. فهل سيحافظ على صعوده أم أن تغيراً يلوح في الأفق؟ 4. ارتفاع العملات الرقمية يتباطأ – هل هناك ما يدعو للقلق؟ شهد بيتكوين ارتفاعًا مدعومًا بالتفاؤل بشأن سياسات الولايات المتحدة تجاه العملات الرقمية، لكن الشكوك بدأت تتزايد. فهل يشهد فبراير تباطؤًا في الأداء، أم أن تطورات جديدة قد تدفع بعملة بيتكوين نحو موجة صعود جديدة؟ 5. تغيرات السياسات العالمية وتأثيرها في الأسواق—من سيتأقلم بشكل أفضل؟ تلعب البنوك المركزية والسياسات التجارية والبيانات الاقتصادية دور محوري في إعادة تشكيل المشهد المالي. فمع اقتراب اتخاذ قرارات حاسمة، ما هي الأصول المالية الأفضل استعدادًا للأشهر المقبلة؟

أهم المتغيرات: نظرة على التقلبات و أداء الأصول

XNGUSD و BTCUSD: تقلبات حادة ونتائج متباينة

تصدّر الغاز الطبيعي (XNGUSD) قائمة الأصول الأكثر تقلبًا بمدىً واسع بلغ 24.59%. إلا أن هذا التقلب لم يُترجم إلى مكاسب، حيث انخفض سعره بنسبة 10.91% خلال الشهر. وفي الوقت نفسه، سجّل سعر البيتكوين (BTCUSD) مدى تقلبات بلغ 22.34%. وعلى الرغم من هذه الاضطرابات، حقق البيتكوين مكاسب بلغت نسبتها 9.60%، وإن لم يستفد بشكل كامل من هذه التحركات. يشير ذلك إلى أن جاذبية البيتكوين للمضاربين لا تزال قائمة، لكن صعوده يظل محدودًا بفعل الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي و تراجع ثقة المستثمرين.

الذهب و مؤشرات الأسهم الرئيسية: صراع على الصدارة

أظهر الذهب (XAUUSD) أداءً قويًا في يناير، متفوقًا على معظم الأصول الرئيسية. ولم يكن ذلك مُفاجئًا في ظل تنامي النفور من المخاطرة نتيجةً لعدم اليقين المُحيط بسياسات التعريفات الجمركية لإدارة ترامب. و لكن المعدن الأصفر لم يكن وحده في الساحة، حيث خطفت المؤشرات الأوروبية الأضواء، بعد ارتفعت بأكثر من 7% متجاوزةً بذلك أداء الذهب. في المقابل، لم تتمكن مؤشرات الأسهم الرئيسية الأخرى من مُجاراة هذا الأداء القوي، وتخلّفت عن الذهب. يُشير ذلك إلى أن المستثمرين قد يكونون في طور إعادة توجيه استثماراتهم بناءً على متانة الاقتصادات الإقليمية بدلاً من البحث عن الأصول الآمنة فقط.

الاتجاهات الكلية: القوى التي تُشكّل السوق

قوة الدولار: هل ستستمر؟

حافظ مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) على قوته، مُتماشياً مع اتجاهه الصاعد المُعتاد في هذا الوقت من العام. وفي ظل تركيز الأسواق على السياسات التجارية الأمريكية والتأثيرات التضخمية المُحتملة للتعريفات الجمركية، يُرجح استمرار قوة الدولار. وقد يُسهم تريث بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة قريباً في دعم أكبر للعملة الخضراء.

توقعات العملات الرقمية: هل يستطيع البيتكوين الحفاظ على الزخم؟

شهدت عملة البيتكوين BTC ارتفاعاً ملحوظاً خلال شهر يناير، إلا أن شهر فبراير قد يحمل تطورات مُغايرة. لقد أسهم تفاؤل المُستثمرين بشأن سياسات ترامب المُؤيدة للعملات الرقمية في تغذية صعود البيتكوين BTCUSD، ولكن هذا الزخم قد يتباطأ مع إعادة تقييم السوق لموقف الإدارة الأمريكية. ومع ذلك، فإن الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب لإنشاء صندوق ثروة سيادي قد يُشكل نقطة تحول هامة، و قد يُمهد الطريق لحيازات حكومية من البيتكوين. بالإضافة إلى ذلك، قد تُوفر التدفقات إلى صناديق الاستثمار المُتداولة في البورصة (ETFs) دعماً طويل الأجل للبيتكوين، حتى في ظل استمرار التقلبات على المدى القصير.

المخاطر الجيوسياسية وأسواق الأسهم: نقطة تحول لقطاع التكنولوجيا؟

تصاعد التوترات الجيوسياسية والمخاوف المُتعلقة بالتقييمات المُرتفعة لأسهم الشركات الأمريكية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي - خاصة بعد صعود DeepSeek - قد تؤثر سلبا على شهية المُستثمرين للمخاطرة. وقد يُشكل هذا تحدياً للاتجاه الصاعد الموسمي لمؤشر ناسداك 100 (USTEC). تُشير تسعير السوق الحالي إلى اتباع نهج حذر تجاه أسهم التكنولوجيا، وقد تُؤدي أي صدمات جيوسياسية إضافية إلى انخفاض في التقييمات.

السلع: التعريفات الجمركية و النفط وجاذبية الذهب كملاذ آمن

أسعار النفط تحت الضغط

تتراجع أسعار النفط تحت وطأة ضغوط هبوط متزايدة، بعد إعلان الصين عن فرض تعريفة جمركية بنسبة 10% على واردات النفط الخام الأمريكي، اعتبارًا من 10 فبراير. وتُفاقم هذه الرسوم المخاوف بشأن مستقبل الطلب على النفط، خاصة مع استمرار الضعف الاقتصادي العالمي. وفي ظل هذه الأوضاع، قد يواجه النفط صعوبة في إيجاد دعم قوي على المدى القريب.

الذهب يعزز مكانته كملاذ آمن

يواصل الذهب تعزيز مكانته كملاذ آمن في الأسواق المالية، مستفيدًا من حالة النفور من المخاطرة والمخاوف المتزايدة بشأن التضخم، وهو ما يتوافق مع اتجاهه الموسمي التاريخي. ومع تصاعد حدة التوترات التجارية وتهديدات الانتقام الجمركي، بالإضافة إلى الضغوط التضخمية المتزايدة، قد يستمر زوج الذهب مقابل الدولار الأمريكي (XAUUSD) في جذب تدفقات الملاذ الآمن، مما يدعم ارتفاع سعره.

العملات: الاتجاهات والتوقعات الرئيسية

الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني (USDJPY): اتجاه صاعد حذر

تاريخياً، سجل زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني USDJPY أداءً متباينًا، إلا أنه يميل إلى الارتفاع الطفيف في فبراير. ومع ذلك، قد تؤثر التصريحات المتشددة الأخيرة من بنك اليابان (BoJ) على الاتجاه الموسمي المعتاد. فإذا حافظ بنك اليابان على سياسته النقدية الحالية، فقد نشهد ضغطًا تصاعديًا على الين، مما يحد من مكاسب الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني USDJPY.

الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي (GBPUSD): توقعات هابطة

لم يكن فبراير تاريخيًا شهرًا إيجابيًا لزوج الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي GBPUSD، حيث أغلق على انخفاض في تسع سنوات من السنوات العشر الماضية. بالإضافة إلى ذلك، مع توقع قيام بنك إنجلترا (BoE) بخفض أسعار الفائدة بمقدار 0.25%، يواجه الجنيه مخاطر هبوط إضافية. مما يستدعي من المتداولين توخي الحذر بشأن توقع أي قوة كبيرة في الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي GBPUSD في المدى القريب.

اليورو مقابل الدولار الأمريكي (EURUSD): تزايد حالة عدم اليقين

زادت تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية على أوروبا من حالة عدم اليقين التي تحيط بزوج اليورو مقابل الدولار الأمريكيEURUSD . وبالنظر إلى ميل الزوج التاريخي نحو الانخفاض في فبراير، فإن مزيجًا من التوترات التجارية وقوة الدولار قد يبقي الضغط الهابط على اليورو قائمًا.

الجنيه الإسترليني مقابل الين الياباني (GBPJPY): تباين السياسات يعزز الاتجاه الهابط

يظل أداء زوج GBPJPY غير مؤكد بالنظر إلى تباين الاتجاهات التاريخية. ومع ذلك، فإن الاختلاف بين السياسة النقدية التوسعية لبنك إنجلترا والتوجه المحتمل الأكثر تشدداً من بنك اليابان قد يعزز التوقعات الهابطة الحذرة. فإذا استمرت توقعات أسعار الفائدة في تفضيل اليابان على المملكة المتحدة، فإن المزيد من الانخفاض في الجنيه الإسترليني مقابل الين الياباني GBPJPY يبدو مرجحًا.

ارتباط حركة الأسعار في السوق: ما الذي يتغير؟

ارتباط قوي بين: XAUUSD وXPDUSD وXPTUSD

تحركات سعر الذهب (XAUUSD) تحافظ على ارتباط وثيق على المدى المتوسط مع تحركات أسعار البلاديوم (XPDUSD) والبلاتين (XPTUSD). هذا الأمر يعزز مكانة الذهب كأداة استثمارية أساسية ضمن مجموعة المعادن الثمينة، مما يجعله خيارًا جذابًا للمستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق عوائد مرتفعة.

ضعف الارتباط بين: US500 وUSOIL

تراجعت شدة الارتباط على المدى المتوسط بين حركة مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (US500) و سعر النفط الخام (USOIL) ، ويعزى ذلك إلى ضعف التوقعات الاقتصادية مما أدى إلى انخفاض الطلب على النفط. إلا أن منظمة أوبك + لا تزال تلعب دورًا محوريًا في التحكم بأسعار النفط، مما يزيد من صعوبة التنبؤ بالعلاقة بين سوق الأسهم وسوق النفط الخام على المدى القصير.

ارتباط عكسي بين: BTCUSD وEURUSD

من الملاحظات الجديرة بالاهتمام ظهور ارتباط عكسي قوي على المدى القصير بين سعر صرف بيتكوين مقابل الدولار الأمريكي (BTCUSD) وسعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي (EURUSD). ونظرًا لأن تحركات بيتكوين غالبًا ما تكون معاكسة لتحركات الدولار، فإن أي تقلبات كبيرة في قيمة اليورو قد تؤثر على مسار بيتكوين. وقد لوحظت زيادة ملحوظة في أعداد المستثمرين الذين يتعاملون مع كل من بيتكوين واليورو كأصول بديلة، ما يعني أن تغيّر المعنويات تجاه الدولار قد يؤدي إلى تحركات متعاكسة في BTCUSD وEURUSD.

محور التركيز هذا الشهر: الأحداث الرئيسية التي يجب مراقبتها

ستكون تقارير التوظيف غير الزراعي (NFP) والتضخم (CPI) الأمريكية لشهر يناير حاسمة في تحديد اتجاهات الأسواق. وإذا جاءت البيانات مفاجئة للتوقعات، فقد نشهد تقلبات حادة عبر فئات الأصول المختلفة. كما تظل سياسات التعريفات الجمركية و السياسات التجارية التي تبناها الرئيس السابق ترامب عاملًا مؤثرًا، إذ لا تزال الأسواق تعتبرها أسلوبًا تفاوضيًا، ولكن لا يمكن إغفال تأثيرها الاقتصادي المُحتمل. بالنسبة لمتداولي العملات، سيكون قرار بنك إنجلترا بشأن أسعار الفائدة، إلى جانب بيانات الناتج المحلي الإجمالي (GDP) والتضخم (CPI) في المملكة المتحدة، من العوامل الأساسية لتحركات أزواج الجنيه الإسترليني. في الوقت نفسه، من المتوقع أن يعلن بنك الاحتياطي الأسترالي (RBA) عن قراره بشأن السياسة النقدية، وسط توقعات تشير إلى بدء دورة تيسيرية.

أفكار أخيرة: حافظ على المرونة، ابق على اطلاع

شهد شهر يناير تقلباتٍ كبيرة، مما يُنذر بعامٍ حافلٍ بالأحداث غير المتوقعة. فمع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتغير السياسات التجارية، وتأثير العوامل الموسمية، تبرز أهمية البقاء على اطّلاع بالمستجدات و التحلي بالمرونة والمعرفة أكثر من أي وقت مضى. نتوقع استمرار حالة عدم الاستقرار عبر مختلف فئات الأصول في الفترة المقبلة. ستؤدي التغيرات في السياسات، والبيانات الاقتصادية، والتطورات الجيوسياسية إلى تحركاتٍ حادة في السوق، مما يتطلب من المتداولين والمستثمرين سرعة التكيف مع هذه التغيرات. إن القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة وتعديل الاستراتيجيات بناءً على المعلومات الجديدة ستكون ضرورية للنجاح. أولئك الذين يحافظون على المرونة، ويراقبون العوامل الأساسية، ويبقون في مقدمة الأحداث، سيكونون في أفضل وضع للاستفادة من الفرص في الأشهر المقبلة. إخلاء المسؤولية: المعلومات الواردة في هذه الصفحة لا تشكل نصيحة مالية أو توصية أو دعوة للمشاركة في أي أنشطة مالية.