فن الاحتفاظ: تقنيات متقدمة في التداول الطويل

Stanislav Bernukhov
كبير المتخصصين في التداول لدى Exness
يُفضل بعض المتداولين التداول طويل المدى على التداول اليومي أو قصير المدى، وهو أمر منطقي في بعض الحالات. يستكشف هذا المقال فن التداول طويل المدى، و إيجابياته وسلبياته، وتطبيقه على تداول العقود مقابل الفروقات CFD.
عندما يتعلق الأمر بالتداول، يفضل البعض وتيرة إستراتيجيات التداول طويل المدى على سرعة اتخاذ القرارات المطلوبة في التداول اليومي. يُقدم التداول طويل المدى، وهو أسلوب يتضمن الاحتفاظ بالصفقات مفتوحة لأسابيع أو حتى أشهر، نهجًا يعتمد على الطبيعة الدورية للأسواق. يستكشف هذا المقال تعقيدات التداول طويل المدى، وتاريخه، وتقنياته، وتطبيقاته العملية، لا سيما في أسواق العقود مقابل الفروقات CFD. سواء كنت متداول متمرس أو كنت متداول مبتدئ مهتم بمعرفة المزيد عن هذه الطريقة، فسوف نُرشدك خلال الإيجابيات والسلبيات، وكيفية التعامل مع التعقيدات بمزيج متوازن من التحليل الفني والأساسي.
المحتوى
1. ما هو التداول الطويل؟ 2. التداول الطويل مقابل التداول المتأرجح والتداول اليومي 3. الأصول التاريخية للتداول الطويل 4. دورات التداول الطويل 5. دور معنويات السوق في التداول الطويل 6. التداول الطويل في الأسواق المالية 7. أفضل الأطر الزمنية للتداول الطويل 8. التحليل الفني والأساسي 9. إدارة المخاطر في التداول الطويل 10. تحديد حجم المراكز وتنويع المحفظة 11. إستراتيجيات متقدمة للتداول الطويل 12. إيجابيات وسلبيات التداول الطويل 13. الجوانب النفسية للتداول الطويل
ما هو التداول الطويل؟
معنى التداول الطويل
بحكم التعريف، التداول الطويل Position Trading (و يعرف أيضا باسم التداول بالتمركز أو التداول الاستثماري) هو أسلوب تداول يعتمد على الاحتفاظ بالصفقات مفتوحة لأسابيع وأحيانًا حتى أشهر. غالباً ما يكون متوسط مدة الاحتفاظ بالصفقات بين شهرين وستة أشهر. يسعى المتداولون في هذا النمط إلى تحقيق مكاسب من التحركات السعرية الكبيرة التي تستغل الطبيعة الدورية للأسواق، حيث تتحول من نطاقات تداول إلى اتجاهات واضحة و العكس.
التداول الطويل مقابل التداول المتأرجح والتداول اليومي
يُعد التداول الطويل والتداول المتأرجح والتداول اليومي إستراتيجيات تداول متميزة تختلف في المقام الأول في أطرها الزمنية ونهجها في تحركات الأسعار. يُركز متداولو التداول الطويل على المدى الطويل، ويحتفظون بالصفقات لفترة طويلة من الزمن - غالبًا أشهر أو حتى سنوات - للاستفادة من الاتجاهات طويلة المدى في السوق. ويعتمدون على التحليل الأساسي ودورات السوق الرئيسية، بهدف تحديد نقاط الدخول والخروج الرئيسية التي تسمح لهم بالاستفادة من التحركات الكبيرة في الأسعار على مدى فترة زمنية طويلة. وتختلف هذه الاستراتيجية اختلافًا جوهريًا عن استراتيجية التداول اليومي، التي يتسم فيها المتداولون بنشاط مكثف، حيث يسعون إلى استغلال التقلبات السعرية قصيرة المدى التي تحدث خلال يوم التداول الواحد. يتخذ التداول المتأرجح موقعًا وسطًا بين التداول اليومي و التداول الطويل الأمد، حيث يحتفظ المتداولون بصفقاتهم لعدة أيام أو أسابيع. يسعى هؤلاء المتداولون إلى رصد تحركات الأسعار قصيرة المدى ضمن اتجاهات أوسع نطاقًا، مستهدفين تحقيق الربح من تقلبات السوق دون الالتزام بالصفقات لفترات طويلة مثل متداولي التداول الطويل. وبينما يتسم كلٌّ من متداولي التداول المتأرجح و اليومي بسرعة الاستجابة لتغيرات السوق، فإن متداولي التداول طويل الأمد يميلون إلى التحلي بالصبر، مستعدين للحفاظ على صفقاتهم لفترات ممتدة، متجاوزين تقلبات السوق الطفيفة بغية الاستفادة من الاتجاهات الكبرى التي حددوها.
الأصول التاريخية للتداول الطويل
تاريخيًا، هيمنة أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة على استراتيجيات التداول طويل الأجل. السبب بسيط: من الصعب نسبيًا تجميع صفقة كبيرة بسرعة دون التأثير على السوق ففي حقبة التداول التقليدي داخل قاعات البورصة، حيث كان التداول يتم عبر الصياح والتواصل المباشر، انحصرت ممارسة التداول قصير الأجل، مثل التداول اليومي و السكالبينج، في نطاق المتداولين الموجودين في قاعة التداول، بينما اتخذ متداولو التداول طويل الأجل، وهم في الغالب ممثلو المؤسسات المالية الكبرى، مكاتبهم في الطوابق العليا للإشراف على تنفيذ الصفقات الكبيرة. و كان وصولُ طلبٍ كبير إلى قاعة التداول يُثير منافسةً حامية بين المتداولين (السماسرة) لتقديم أفضل شروط التنفيذ للصفقة (للفوز بالعمولة).
ريتشارد دينيس وتجربة السلحفاة
التداول الطويل أصبح شائعًا بين عامة الناس بعد أن أطلق ريتشارد دينيس، وهو متداول شهير في الثمانينيات عُرف باسم أمير الحُفر، تجربة لتعليم إستراتيجيته في أسواق السلع الأساسية لمجموعة من الأشخاص الذين أشار إليهم باسم السلاحف. في ثمانينيات القرن الماضي، قام ريتشارد دينيس، وهو متداول بارز اشتهر بلقب أمير الحُفر، بتجربة فريدة أثّرت بشكل كبير على عالم التداول. قرر دينيس مشاركة أسرار استراتيجيته في تداول السلع الأساسية مع مجموعة من الأفراد العاديين، أطلق عليهم اسم السلاحف. حققت التجربة نجاحًا باهرًا، وبعد فترة، كشف السلاحف النقاب عن قواعد استراتيجيتهم، التي اعتمدت على مبدأ اتباع الاتجاه أو اختراق الزخم. في ذلك الوقت، لم يكن التداول منتشرًا بين الأفراد، وكانت بيانات الأسعار أقل تشويشًا، مما ساهم في نجاح استراتيجيات بسيطة مثل اختراق قناة دونشيان Donchian. فتحت هذه التجربة الباب على مصراعيه أمام دخول المتداولين الأفراد إلى عالم العقود الآجلة، وبعد ذلك إلى أسواق الفوركس والعقود مقابل الفروقات. وبينما كان سوق الأسهم مفتوحة أمام العامة، كانت أسواق السلع تُعتبر حكرًا على المحترفين. لكن تجربة السلاحف أثبتت للمتداولين الأفراد أن التداول طويل الأجل ليس حكرًا على المحترفين، بل هو استراتيجية يمكن للجميع تطبيقها.
دورات التداول الطويل
في إطار سعيهم لتحقيق الربح، يترقب متداولو التداول طويل الأمد اللحظة الحرجة التي تشهد تحولًا جذريًا في دورة السوق. ففي هذه اللحظة، تتحول نطاقات التداول الراكدة إلى اتجاهات صاعدة أو هابطة، وتتبدل نطاقات التقلب المنخفض إلى نطاقات مضطربة ذات تقلب مرتفع، والعكس صحيح. وعلى النقيض من ذلك، يركز المتداولون اليوميون على العمل ضمن دورة سوقية واحدة محددة، مثل التركيز على عمليات الشراء المتكررة عند ذروة الاتجاه الصاعد. أما في التداول طويل الأمد، فيحتاج المتداول إلى مهارة عالية في تحليل السوق، تمكنه من تحديد لحظة دخول الصفقة بدقة وتنفيذها في وقت مبكر، قبل أن يكتمل تطور الاتجاه. ويُلخص هذا المفهوم في ثلاثية التحليل الفني المعروفة: التراكم accumulation، والمشاركة العامة public participation (أو مرحلة الدفع)، والتوزيع distribution. وتتجلى أفضل فرصة متاحة للمتداول طويل الأمد، مع انخفاض مستوى المخاطرة، في الفترة الانتقالية بين نهاية مرحلة التراكم وبداية مرحلة الدفع.
دور معنويات السوق في التداول الطويل
تلعب معنويات السوق دوراً حاسماً في التأثير على تحركات الأسعار القصيرة الأجل والاتجاهات طويلة الأجل في السوق. بالنسبة للمتداول الذي يتبع استراتيجية التداول الطويل، يعد فهم معنويات السوق أمراً ضرورياً لتحديد متى قد يبدأ الاتجاه أو ينعكس على المدى الطويل. توفر مؤشرات المعنويات مثل مؤشر التقلب VIX ونسبة البيع/الشراء معلومات قيمة حول مدى التفاؤل أو التشاؤم في السوق، مما يساعد في التنبؤ بتحولات الاتجاه المحتملة. من خلال دمج هذا النوع من التحليل في استراتيجيتهم، يمكن للمتداولين تعزيز قدرتهم على الدخول والخروج من الصفقات في الوقت المناسب، بما يتماشى مع المزاج العام للسوق.
التداول الطويل في الأسواق المالية
أي فئة من الأصول المالية هي الأنسب للتداول الطويل؟ أولاً، يجب فهم قدرة الأصول المالية على توليد والحفاظ على اتجاهات طويلة الأجل.باختصار، يمكن استخدام كل فئات الأصول المالية للتداول الطويل الأجل، ولكن ليس دائمًا. التداول الطويل في سوق الفوركس تُعرف أسواق العملات (FX) في المقام الأول بطبيعتها التي تتراوح ضمن نطاقات محددة. ولكن في بعض الأحيان، تؤدي التحولات الجذرية في السياسة النقدية لأحد البنوك المركزية إلى دفع العملة ذات الصلة مقابل العملات الأخرى. ومن الأمثلة على ذلك الين الياباني، الذي تراجع سعره طوال النصف الأول من عام 2024 وحافظ على اتجاه هبوطي طويل الأجل، لكنه انعكس لاحقًا وارتفع بقوة مع زيادة التقلبات. وبالتالي، يتطلب التداول الطويل في أسواق العملات إيجاد نافذة فرصة بالتزامن مع التغيرات في العوامل الأساسية، خاصة التغيرات السريعة في التوقعات بشأن أسعار الفائدة. التداول الطويل في سوق السلع تُعرف أسواق السلع باتجاهاتها القوية والسريعة، خاصة خلال فترات التضخم المرتفع أو اضطراب العرض والطلب (قيود التجارة، وظروف الطقس، وما إلى ذلك). وفي الوقت نفسه، تميل أيضًا إلى الركود والبقاء في نطاقات تداول لفترة طويلة. في بعض الأحيان، تُظهر أسواق السلع تقلبًا مرتفعًا وتُنتج مكاسب أعلى من المتوسط. على سبيل المثال، في أوائل عام 2024، شهد النحاس مكاسب تجاوزت 25% (من 3.7 دولار إلى 5.2 دولار). يمكن للمتداول الذكي الاستفادة من هذه الحركة وتحقيق ربح ممتاز. تشهد أسواق الطاقة، مثل النفط الخام والغاز الطبيعي، أيضًا في بعض الأحيان تقلبات عالية مدفوعة بالأحداث الجيوسياسية في جميع أنحاء العالم. التداول الطويل في الأسهم ومؤشرات الأسهم تميل الأسهم إلى توفير اتجاهات طويلة الأجل وقد يتضاعف سعرها مرتين أو ثلاث أو أربع مرات في غضون عام واحد. ظهر أوضح مثال على هذا السلوك بعد أزمة كوفيد من عام 2020 إلى عام 2021 عندما زادت قيمة العديد من أسهم التكنولوجيا عدة مرات. تكررت هذه الدورة في عام 2024 عندما انتعشت الأسواق بعد التصحيح. التداول الطويل في العملات الرقمية تتميز سوق العملات الرقمية، لا سيما البيتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH)، بدورات متكررة من الصعود والهبوط الحاد، إلى جانب فترات من الاتجاهات المستمرة. تكشف هذه الطبيعة الدورية عن فرص محتملة للمستثمرين على المدى الطويل.
أفضل الأطر الزمنية للتداول الطويل
يعتمد المتداولون الذين يفضلون الصفقات طويلة الأجل على الرسم البياني اليومي (D1) كإطار زمني مرجعي لتحليل اتجاهات السوق. لكن، قد تستدعي عملية تنفيذ الصفقات نفسها اللجوء إلى أطر زمنية أقصر، مثل الإطار الزمني الساعي (H1) أو الثلاثين دقيقة (M30) أو حتى الأربع ساعات (H4). ويمثل فهم بنية الرسم البياني اليومي حجر الزاوية في التداول طويل الأجل، إذ يُعدُّ مهارة جوهرية لا غنى عنها لأي متداول يسعى إلى تحقيق النجاح في هذه الاستراتيجية.
التحليل الفني والأساسي
"نموذج القاعدة"
كما ذكر أعلاه، فإن الهدف الأساسي للمتداول طويل الأجل هو اقتناص اللحظة التي ينتقل فيها السعر من التداول الجانبي داخل نطاق محدد (أو مرحلة التجميع، عند التحدث بلغة التحليل الفني) إلى التحرك في اتجاه واضح. أسهل طريقة لتحديد هذه اللحظة هي اكتشاف نموذج بياني يسبق الاختراق. نموذج الرسم البياني الأساسي هو قاعدة أو نطاق تداول طويل الأجل عندما يتماسك أو يستقر السوق، وتقل التقلبات لمدة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر. لنأخذ سهم شركة IBM كمثال، حيث يُلاحظ بوضوح اتباعه لنمط القاعدة الكلاسيكي. فقد تراوح سعره ضمن نطاق مُحدد لفترة زمنية طويلة قبل نوفمبر 2023، ثم شهد تحولًا قويًا نحو مرحلة صعود حادة.
مثال آخر لنطاق تداول كبير يسبق الحركة كان واضحاً على الرسم البياني لزوج الجنيه الإسترليني/الين الياباني (GBPJPY). فبالرغم من الاتجاه الصاعد الواضح الذي شهده هذا الزوج، إلا أنه كان آنذاك قد بلغ مرحلة النضج. وعقب كسر خاطئ لنموذج الوتد الهابط (الذي يُعدّ أحد أشكال نماذج القاعدة)، أتيحت للمتداولين فرصة سانحة لفتح صفقات بيع، وقد اكتسبت هذه الصفقات زخمًا سريعًا عقب تدخل بنك اليابان بتقييد السياسة النقدية.
تأكيد الاتجاه لا يكفي تحديد النقطة المثلى في دورة السوق، بل يتطلب الأمر إتقان فن التنفيذ وتحديد التوقيت الأمثل. فحتى بالنسبة للمتداول طويل الأجل، يُعدّ التوقيت الدقيق أداةً فعّالة للحد من الخسائر ومواصلة ركوب موجة الاتجاه. بعد اختراق نمط القاعدة، يُنصح بمراقبة مؤشرات تأكيد الحركة. وغالباً ما يتجلى ذلك من خلال ارتداد السعر من المتوسط المتحرك قصير الأجل (20 يوماً). يُعد ارتداد السعر من المتوسط المتحرك لـ 20 يوماً، خاصةً إذا تزامن مع تشكل أحد نماذج الشموع اليابانية الإيجابية مثل نموذج الابتلاع الشرائي، بمثابة إشارة دخول مثالية لبدء التداول. ولتوضيح ذلك، لننظر إلى مثال صفقة النحاس في مارس 2024. يتضح من الرسم البياني أن الاختراق الأولي للقاعدة لم يُوفّر نقطة دخول مثالية. إلا أن فرصة سانحة أخرى برزت بعد انخفاض السعر إلى المتوسط المتحرك لـ 20 يومًا، مُشكّلاً نموذج شمعة الانعكاسي عند الإغلاق. تلا ذلك ارتفاعٌ ملحوظ في السعر.
يتجلى مثال آخر على الرسم البياني لسهم IBM، حيث أظهر اختراقًا لنموذج القاعدة في نوفمبر 2023. بعد تأكيد تغير الاتجاه، كان أمام المتداول خيارات متعددة للدخول: الدخول الفوري، أو انتظار التراجع إلى المتوسط المتحرك لـ 20 يومًا ضمن نموذج علم صغير، أو حتى انتظار اختراق هذا العلم لمن يفضلون المخاطرة المنخفضة. توافق الصفقة مع الاتجاه العام (في هذه الحالة صعودي) عامل مهم يزيد من ثقة المتداول ويُشجعه على الاحتفاظ بها. تختلف مدة الاحتفاظ بالصفقة باختلاف أسلوب المتداول وتفضيلاته، فقد تمتد من أسبوعين إلى ستة أسابيع أو أكثر.
أهمية التحليل الأساسي
قد يكون للتحليل الأساسي أداةً فاعلية محدودة في التداول قصير المدى، كالتداول اليومي (باستثناء حالات الأخبار الاقتصادية المؤثرة والتقويم الاقتصادي). إلا أنَّ أهميته تتعاظم في التداول طويل الأجل، لا سيما عند توقع تحركات سعرية كبيرة واكتشاف الفرص الاستثمارية. من أبسط تطبيقات التحليل الأساسي، مراقبة أداء السوق ككل (مثال سوق الأسهم). ففي حال كان السوق في اتجاهٍ صاعد، يميل المستثمرون للمخاطرة، مما يدفع الأسعار نحو الارتفاع. أما الاستخدام الأكثر تعقيداً للتحليل الأساسي فيكمن في رصد التغيرات في العوامل الأساسية المؤثرة التي لم تنعكس بعد على حركة الأسعار، ومن ثمّ محاولة التداول بناءً على هذه التوقعات المستقبلية. فيما يلي مثال على تطبيق التحليل الأساسي على حالة GBPJPY التي تمت مناقشتها أعلاه: كان الين الياباني في حالة ضعف بسبب عمليات التداول بالعائد أو الكاري ترايد (Carry Trade). لكن بنك اليابان حذر من احتمال أنه قد يتدخل في السوق، واستمرت عوائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عاماً في الارتفاع، مما أشار إلى تغيير في السياسة النقدية اليابانية. هذا الوضع جعل صفقات البيع على الين أكثر خطورة، مما دفع المتداولين الأذكياء للتركيز في الاتجاه المعاكس، بحثاً عن فرص بيع محتملة على أزواج مثل USDJPY وGBPJPY.
إدارة المخاطر في التداول الطويل
إدارة المخاطر في سياق التداول طويل الأجل ركيزةً أساسيةً لتحقيق النجاح، حيث أن إبقاء الصفقات مفتوحةً لفتراتٍ ممتدةٍ يُعرّض المتداول لمجموعةٍ متنوعةٍ من المخاطر. وعلى النقيض من استراتيجيات التداول قصيرة الأجل، كالتداول اليومي، التي تُغلق صفقاتها في نفس اليوم، يعتمد التداول طويل الأجل على نهج الشراء والاحتفاظ، الأمر الذي يستلزم تخطيطاً مُحكماً. ولتحقيق التوازن بين المخاطرة والعائد، يجب على المتداول أن يُحدد بدقةٍ نقاط وقف الخسارة وجني الأرباح. يُساهم تحديد نقاط الدخول والخروج في تقليص الخسائر المُحتملة، وفي الوقت نفسه، يُتيح للمتداول فرصةً لتحقيق مكاسب على المدى الطويل. يُمثل هذا التوازن الدقيق بين المخاطرة والمكافأة عاملًا حاسمًا في ضمان استمرارية النجاح في مجال التداول طويل الأجل.
تحديد حجم الصفقة وتوزيع المحفظة
تحديد حجم الصفقة يُشكّل حجر الزاوية في هذا النمط من التداول، لا سيما لأولئك الذين يتبنون استراتيجية الاحتفاظ بالصفقات لآجال ممتدة، قد تصل إلى شهور أو حتى سنوات. ويستلزم اختيار الحجم الأمثل للصفقة إجراء تقييم دقيق لحجم الحساب، ومستوى تقبل المخاطر، وطبيعة ظروف السوق السائدة. وتبرز أهمية استراتيجية تخصيص جزء من رأس المال بما يتوافق مع درجة تحمل المخاطر، بما يضمن عدم تعريض نسبة كبيرة من الحساب للخطر جراء أي صفقة فردية. فعلى سبيل المثال، في حال توقّع حدوث تقلبات سوقية، قد يلجأ المتداولون إلى تقليص حجم الصفقة حفاظاً على رأس المال. وفي المقابل، يجوز زيادة حجم الصفقة في ظل ظروف السوق المستقرة، مع مراعاة عدم تجاوز حدود استراتيجية إدارة المخاطر الشاملة. تنويع الاستثمار، أيضا عنصر مهم لنجاح استراتيجيات التداول طويل الأجل، نظراً لِما يُوفّره من إدارة فعّالة للمخاطر. فبتوزيع الاستثمارات على مجموعة متنوعة من الأصول المالية، كالسندات والأسهم والمعادن الثمينة والعقارات، يُخفّض المُستثمر من احتمالية التعرّض لخسائر فادحة نتيجة لتقلّبات السوق في قطاع مُحدّد. يُحقّق التنويع توازناً مُهماً بين المخاطر والعوائد المُحتملة، حيث يُتيح للمُستثمر تعويض الخسائر في بعض الأصول بأرباح من أصول أخرى. وبهذه الطريقة، يُسهم التنويع في استقرار المحفظة الاستثمارية على المدى البعيد، ويُجنّبها التأثر السلبي بتقلّبات السوق قصيرة الأمد. علاوة على ذلك، يُقلّل التنويع من الاعتماد على أداء أصل واحد، مما يُعزّز من مرونة المحفظة وقدرتها على التكيّف مع تغيّرات السوق، ويُوفّر للمُستثمر شعوراً بالأمان والثقة في استراتيجيته الاستثمارية طويلة الأمد.
استراتيجيات متقدمة للتداول الطويل
الاستراتيجيات المتقدمة في التداول الطويل، مثل اتباع الاتجاه، و الانعكاس إلى المتوسط (Mean Reversion) ، و استعمال الهامش (التداول بالرافعة المالية)، هي أدواتٍ فعّالة تُمكّن المتداولين من صقل منهجياتهم وتعزيز عوائدهم المالية. وتستلزم هذه التقنيات فهماً دقيقاً لآليات السوق وإدارة المخاطر، مما يُسهم في تمكين المتداولين من التعامل مع التقلبات، واغتنام الفرص في الاتجاهات طويلة الأمد، مع التحكم الفعّال في المخاطر المُحتملة.
اتباع الاتجاه مقابل الانعكاس إلى المتوسط
تركز استراتيجية اتباع الاتجاه على الاستفادة من الاتجاهات الطويلة الأمد، وتعمل بشكل أفضل في الأسواق ذات الاتجاه القوي. أما استراتيجية انعكاس المتوسط، فتستفيد من عودة حركة الأسعار إلى متوسطها، وتُعد مثالية للأسواق ذات النطاق المحدد أو التصحيحات القصيرة ضمن الاتجاهات الأطول.
استخدام الرافعة المالية في التداول الطويل
يمكن أن تزيد الرافعة المالية من الأرباح ولكنها ترفع أيضاً من مستوى المخاطر. لإدارة هذا، يجب على المتداولين استخدام الرافعة بحذر، بما يتماشى مع قدرتهم على تحمل المخاطر، ووضع أوامر وقف الخسارة بدقة لحماية أنفسهم من الخسائر الكبيرة مع زيادة فرص الأرباح المحتملة.
مزايا وعيوب التداول الطويل
لكل أسلوب تداول مزايا ومخاطر، والتداول الطويل ليس استثناء عن هذه القاعدة.
مزايا التداول الطويل
1. جهد أقل على الرغم من أن التداول طويل المدى يندرج تحت مظلة التداول النشط، إلا أنه لا يتطلب نفس مستوى المشاركة المكثف للاستثمار التقليدي. فبينما يحتاج المتداول إلى مراقبة تطور صفقاته، فإن هذا لا يستلزم تخصيص وقت طويل. بعبارة أخرى، تُمكّن طبيعة السوق المتداول من جني الثمار مع بذل مجهود أقل. 2. مجال أكبر للخطأ يمتاز التداول طويل الأجل بفسحة أكبر للخطأ مقارنة بالتداول اليومي. فبينما يتطلب الأخير أداء عالي باستمرار، يسمح التداول طويل الأجل ببعض المرونة، حيث يمكن للمتداول أن يتحمل بعض الأخطاء الطفيفة أو أوامر الإيقاف غير الضرورية( وإن لم يكن ذلك مستحبًا). ويرجع هذا الاتساع في هامش الخطأ إلى انخفاض تأثر المتداولين طويلي الأجل بتقلبات السوق اليومية، إذ يتعاملون مع السوق بوتيرة أقل نشاطًا، مما يمنحهم مساحة أكبر للمناورة واتخاذ القرارات.
عيوب التداول الطويل
1. صعوبة تحقيق الديمومة على الرغم من أن التداول طويل الأجل قد يبدو أقل تطلبًا من حيث التواتر، إلا أنه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود اتجاهات سوقية واضحة. ففي حال وجود اتجاه محدد، تُتاح فرص التداول، أما في حالة غيابها، فينبغي على المتداول اتخاذ موقف الحياد والترقب. و ينطبق هذا المبدأ على المتداولين اليوميين أيضًا، إلا أنهم يميلون إلى تنفيذ صفقة واحدة على الأقل يوميًا، بينما قد لا يجد المتداولون على المدى الطويل فرصة مناسبة للتداول طوال أسبوع كامل. ويتجلى هذا التباين أيضًا في التوازن بين فترات تراكم الأرباح وفترات التراجع. ففي التداول طويل الأجل، غالبًا ما تتراكم الأرباح بسرعة (خلال 2 إلى 4 أسابيع في كثير من الأحيان)، بينما قد تمتد فترات التراجع لشهور. وربما يتجاوز الربح التراجع بمقدار كبير، إلا أنه من غير الممكن جني الأرباح خلال فترات التراجع. لذلك، يوجه متداولو الأجل الطويل تركيزهم نحو الأرباح طويلة الأمد بدلاً من السعي لتحقيق دخل أسبوعي أو شهري منتظم. 2. قلة البيانات الإحصائية يتّسم التداول طويل الأجل بقلة عدد الصفقات المنفّذة مقارنةً بالتداول اليومي، مما يُؤدي إلى صعوبة في رصد أداء المتداول بدقة، ومعرفة ما إذا كانت الخسائر منتظمة أو ناجمة عن أخطاء. و لعلّ أبرز تحديات التداول طويل الأجل هو الحاجة إلى تجميع كمّ هائل من البيانات لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. و بما أن البيانات تتراكم ببطء في هذا النوع من التداول، يُشكّل ذلك عائقًا أمام المتداولين الذين يعتمدون على منهجياتٍ نظامية في التداول، حيث يتطلّب الأمر صبرًا طويلًا قبل الوصول إلى حجم البيانات المطلوب لتقييم الأداء وتحسين الاستراتيجيات المتّبعة.
الجوانب النفسية للتداول الطويل
ينطوي هذا النهج في التداول على ضرورة امتلاك المتداول نفسية قوية. وفيما يلي، سنُسلط الضوء على مجموعة من أبعاد التداول طويل الأجل، مع بيان كيفية تأثيرها على الحالة النفسية للمتداول، واستعراض بعض التوجيهات لإدارتها بفعالية.
الصبر: - ضروري للاحتفاظ بالصفقات على مدى فترات طويلة، قد تصل إلى شهور أو سنوات. - يُساعد المتداولين على مقاومة الرغبة في اتخاذ قرارات متهورة بناءً على تقلبات السوق قصيرة الأجل. الانضباط: - أساسي للالتزام بخطة تداول محددة بدقة، حتى عندما يتحرك السوق بشكل غير متوقع. - يضمن التزام المتداول بخطط الدخول والخروج دون التأثر بالعواطف. المرونة العاطفية: - القدرة على الحفاظ على الهدوء أثناء تقلبات السوق وتجنب البيع بدافع الذعر. - تُساعد المتداولين على إدارة التوتر والحفاظ على التركيز على الأهداف طويلة الأجل. الثقة في الاستراتيجية: - الإيمان بخطة التداول، خاصة خلال فترات التراجع، يساعد في الحفاظ على الاستمرارية. - مراجعة وتعديل استراتيجيتك بانتظام يُعزز الثقة في مواجهة الشدائد. إدارة فترات تراجع السعر: - تقبل حقيقة أن موجات تراجع السعر هي جزء طبيعي من التداول طويل الأجل. - التركيز على الصورة الأكبر وتجنب إجراء تغييرات جذرية بناءً على خسائر مؤقتة. - تطبيق مبادئ و أسس إدارة المخاطر، مثل وضع أوامر إيقاف الخسارة، لتقليل تأثير موجات التراجع الأسعار.
مشاركة
مواضيع ذات علاقة
التداول المتأرجح في سوق الأسهم: كيف أرسم استراتيجيتي
استراتيجيات المدى الطويل
استراتيجيتي في التداول بالأخبار: كيف أُوظّف التحليل الأساسي لاستغلال حركة الأسواق؟
استراتيجيات متقدمة
كيف يعمل تداول عقود فروقات الفوركس CFD: مفهوم CFD وأساسيات التداول
أساسيات التداول
كيفية تداول السلع: دليل شامل للمبتدئين
أساسيات التداول
تطبيق Exness Trade
تداول بثقة في أي وقت ومن أي مكان.
التداول ينطوي على مخاطر، والشروط والأحكام نافذة.
المزيد حول استراتيجية التداول
استراتيجيات المدى الطويل
التداول المتأرجح في سوق الأسهم: كيف أرسم استراتيجيتي
استراتيجيات متقدمة
استراتيجيتي في التداول بالأخبار: كيف أُوظّف التحليل الأساسي لاستغلال حركة الأسواق؟
استراتيجيات أخرى
الاختبار الرجعي في سوق الفوركس: كيف أُحسِّن استراتيجيتي في التداول؟
استراتيجيات متقدمة