التحيزات المعرفية في التداول: كيف نتعرف ونتغلب عليها؟

Katerina Parpa
صحفية متخصصة في التداول لدى Exness
كيف تؤثر التحيزات المعرفية على قراراتك في التداول؟ بالتعاون مع خبراء التداول في شركة Exness، ستانيسلاف بيرنوخوف وأندرياس ثيميستوكليوس، نناقش التحيزات الشائعة التي قد تحجب رؤية القرار الصحيح، وكيف تؤثر على سلوك السوق، وكيف يمكن للمتداولين إدراك هذه الفخاخ النفسية والتغلب عليها لتحسين أدائهم وإدارة المخاطر.
عند التداول في الأسواق المالية، تلعب النفسية دورًا حاسمًا في تشكيل القرارات. يعاني المبتدئون وحتى المتداولون المحترفون من ضغط اتخاذ قرارات سريعة، وهذه الضغوط، التي تكون مقترنة بحالة عدم اليقين، قد تؤدي إلى أخطاء في التقدير بسبب التحيزات المعرفية. و هي اختصارات عقلية أو مفاهيم مسبقة قد تشوه عملية اتخاذ القرار، مما يدفع المتداولين إلى اتخاذ قرارات غير عقلانية. إن فهم هذه التحيزات والحد من تأثيرها أمر ضروري لتحسين الأداء وتعزيز إدارة المخاطر في التداول.
التحيزات المعرفية الشائعة في التداول
فيما يلي بعض التحيزات المعرفية الشائعة التي ينبغي على المتداولين إدراكها والتعامل معها بفعالية:
1. تحيز الإصرار على المعتقدات
يميل المتداول، في هذا السياق، إلى التشبث برأي أو استراتيجية مُحددة رغم وجود دلائل جديدة تُناقضها. في مجال التداول، قد يدفع هذا التحيزُ المتداولين إلى التمسك بصفقات خاسرة أو استراتيجيات بالية حتى مع تغيّر ظروف السوق. وكما أشار أندرياس ثيميستوكليوس، المتخصص في التداول في شركة Exness، ما نجح الأسبوع الماضي أو العام الماضي قد لا ينجح بنفس الطريقة الآن. على سبيل المثال، قد يحتفظ متداول بسهم معين معتقدًا أنه سيرتفع رغم أن مؤشرات السوق تشير إلى العكس.
كيفية التغلب عليه: لمواجهة هذا التحيز، يتعين على المتداولين مراجعة استراتيجياتهم دوريًا في ضوء البيانات المُستجدة وظروف السوق الجديدة. كما يُمكن أن يُساعد البحث عن وجهات نظر مُغايرة وتحدي الافتراضات الذاتية في الحفاظ على المرونة. ومن الضروري أن يظل المتداول مُتكيف وأن يتجنب التعلق العاطفي بالصفقات.
2. تحيز الثقة المُفرطة
الثقة المُفرطة نقطة ضعف تُسبب تحيزًا خطيرًا في التداول. فعندما يُبالغ المتداولون في تقدير معرفتهم أو قدراتهم التنبؤية، فإنهم يُميلون إلى المُخاطرة بإفراط، مما قد يؤدي إلى خسائر كبيرة. ووفقًا لستانيسلاف بيرنوخوف، يميل المتداولون إلى التهور ومُخالفة قواعد إدارة المخاطر عندما يعتقدون أنهم أمام فرصة "مضمونة الربح" وينسون طبيعة "عدم اليقين" المُلازمة للأسواق المالية.
كيفية التغلب عليه: للحد من الثقة المُفرطة، يجب على المتداولين إدارة المخاطر في استراتيجياتهم بانضباط. ويشمل ذلك وضع أوامر وقف الخسارة، والحد من أحجام الصفقات، والتأكد من أن القرارات مبنية على البيانات لا على العاطفة أو التخمين. فالتواضع ضروريٌّ، وإدراك أن لا أحد يستطيع التنبؤ بحركات السوق بدقة وباستمرار يساعد على كبح الثقة المفرطة.
3. مغالطة التكلفة الغارقة
تحدث مُغالطة التكلفة الغارقة عندما يُصرّ المتداول على التمسك بصفقة خاسرة بسبب الوقت أو الجهد أو المال الذي استثمره فيها مُسبقًا. فبدلًا من تقليص خسائره والمُضي قدمًا، يشعر بأنه مُلزم باسترداد استثماراته. وقد سلّط ستانيسلاف الضوء على هذا التحيز، مُشيرًا إلى أن المتداولين يشعرون بأنهم استثمروا الكثير من الطاقة العاطفية والوقت في مُتابعة صفقة ما، مما يمنعهم من التخلي عنها.
كيفية التغلب عليه: أفضل طريقة لتجنب مُغالطة التكلفة الغارقة هي الحفاظ على الموضوعية. ويجب على المتداولين التركيز على البيانات الحالية وظروف السوق بدلًا من الأحداث والاستثمارات الماضية. ففهم أن كل صفقة تُمثل فرصة جديدة يُتيح للمتداولين التخلي عن الصفقات الخاسرة وتخصيص الموارد بكفاءة أكبر.
4. تحيز تأكيد القناعات:
يحدث تحيز تأكيد القناعات عندما يبحث المتداولون عن معلومات تُؤيد معتقداتهم المُسبقة، بينما يتجاهلون أو يُقللون من شأن المعلومات التي تُناقضها. ويُمكن أن يكون هذا ضارًا عند تقييم بيانات السوق، لأنه يؤدي إلى تحليل غير مُتكامل. فعلى سبيل المثال، قد يُركز المتداول فقط على الأخبار التي تُعزز وجهة نظره بأن السهم سيرتفع، مُتجاهلًا علامات الانخفاض المُحتمل.
كيفية التغلب عليه: للتغلب على تحيز تأكيد القناعات ، يجب على المتداولين البحث بجدية عن وجهات نظر مُغايرة والنظر في وجهات نظر مُختلفة قبل اتخاذ القرار. كما يُمكن أن تُساعد مُراجعة مجموعة من المؤشرات الفنية والتقارير على ضمان أن القرار قائم على تحليل شامل لا على معلومات مُنتقاة.
5. النفور من الخسارة
يشير تحيّز النفور من الخسارة إلى الميل إلى الخوف من الخسائر أكثر من الرغبة في تحقيق المكاسب. وغالبًا ما يتمسك المتداولون بالصفقات الخاسرة لوقت طويل، على أمل أن ينعكس اتجاه السوق في صالحهم. وقد يؤدي هذا إلى خسائر أكبر مما لو كانوا قد خرجوا من الصفقة مُبكرًا. وقد أوضح أندرياس أن الخوف من الخسائر قد يدفع المتداولين إلى التمسك بالصفقات الخاسرة طويلًا، على أمل الوصول إلى نقطة التعادل.
كيفية التغلب عليه: وضع أوامر وقف الخسارة الصارمة والالتزام بنقاط الخروج المُحددة مُسبقًا يُمكن أن يُساعد على تجنب فخ النفور من الخسارة. ومن الضروري تقبّل أن الخسائر جزء لا يتجزأ من التداول والتركيز على الحفاظ على نهج مُنضبط للتقليل من تأثيرها.
نفسية التحيزات المعرفية في التداول
معظم التحيزات في التداول تنبع من وطبيعة النفس البشرية و قدرتها على التقييم. في مجال التداول، حيث يسود عدم اليقين وتكثر المخاطر، تتعاظم هذه التحيزات. فعلى سبيل المثال، يرتبط فرط الثقة بالحاجة النفسية للشعور بالسيطرة و التحكم في الأمور، بينما ينشأ النفور من الخسارة من الألم النفسي لفقدان المال، والذي غالباً ما يفوق لذة تحقيق المكاسب. وتُعيق هذه التفاعلات العاطفية سلامة التقدير، وقد تُفضي إلى قرارات غير عقلانية.
إن فهم الأساس النفسي للتحيزات أمرا بالغ الأهمية للمتداولين الذين يسعون إلى تحسين عملية اتخاذ القرارات. وإدراكاً منهم بأن هذه التحيزات تُعدّ ميولاً بشرية طبيعية، يستطيع المتداولون اتخاذ خطوات استباقية لتجنبها.
نصائح عملية للتغلب على التحيزات
للتخفيف من تأثير التحيزات المعرفية وتعزيز إدارة المخاطر أثناء التداول، يُنصح باتباع الاستراتيجيات التالية:
التحلي بالموضوعية: ينبغي أن تُبنى القرارات على البيانات والتحليلات بدلاً من العواطف أو الأفكار المسبقة، مع مراجعة الاستراتيجية وتعديلها دوريا وفقًا للمعلومات الجديدة.
وضع قواعد محددة: يُفضل وضع قواعد واضحة و محددة مُسبقًا لدخول الصفقات والخروج منها، ما يُساعد على تجنب اتخاذ القرارات بناءً على العواطف.
تنويع مصادر المعلومات: يجب عدم الاعتماد على مصدر واحد للمعلومات، واستشارة مجموعة متنوعة من التقارير والمحللين والمؤشرات للحصول على رؤية شاملة.
استخدام أدوات إدارة المخاطر: يُنصح باستخدام أوامر وقف الخسارة وتحديد حجم الصفقات للحد من الخسائر المحتملة والحماية من المخاطر المفرطة، مما يُساهم في حماية المحفظة حتى في حال ظهور التحيزات.
مواصلة التعلم: تعلم باستمرار حول كل ما يتعلق باتجاهات الأسواق واستراتيجيات التداول والفخاخ النفسية. فكلما زادت المعرفة، زادت القدرة على تحديد التحيزات والتغلب عليها.
أمثلة واقعية على الأخطاء الناتجة عن التحيز
في عام 2008، تمسك العديد من المستثمرين بمراكزهم على الرغم من بوادر انهيار السوق الوشيك، مُظهرين بذلك جمودًا على قناعاتهم وتجنبًا للخسارة. اعتقدوا أن السوق سوف يتعافى، متجاهلين الأدلة التي تشير إلى العكس. وعندما استمر السوق في الانخفاض، تضاعفت خسائرهم. يُوضح هذا كيف يُمكن للتحيزات المعرفية أن تُعيق اتخاذ القرارات السليمة وتُفضي إلى عواقب مالية وخيمة.
ومثال آخر هو تحيز الثقة المُفرطة الذي ظهر جليًا خلال طفرة العملات المُشفرة في عام 2021. إذ بالغ العديد من المُتداولين، مدفوعين بالضجيج الإعلامي والنجاحات السابقة، في تقدير قدرتهم على التنبؤ باتجاهات السوق، مما أدى إلى تكبد خسائر فادحة عندما صحح السوق مساره.
أهم الأفكار المستخلصة
- التحيزات المعرفية لديها تأثير كبير على قرارات التداول: التحيز الإصرار على المعتقد والثقة المفرطة و النفور من الخسارة هي من أكثر التحيزات شيوعًا والتي قد تُفضي إلى نتائج تداول سلبية.
- تحيز الإصرار على المعتقد قد يُؤدّيإلى تجاهل البيانات الجديدة: فيلتزم المتداولون باستراتيجيات بالية رغم تغيّر ظروف السوق، مما يُسفر عن خسائر لا داعي لها.
- الثقة المفرطة تُفضي إلى المخاطرة بتهور: إذ قد يُؤدّي المبالغة في تقدير المعرفة أو القدرة على التنبؤ إلى مغامرات مفرطة، وبالتالي خسائر فادحة.
- مغالطة التكلفة الغارقة تدفع المتداولين على التمسّك بالصفقات الخاسرة: و يُؤدّي التعلّق العاطفي بصفقة خاسرة إلى مزيد من الخسائر حين يرفض المتداولون الخروج منها.
- النفور من الخسارة يجعل المتداولين يُركّزون فقط على تجنّب الخسائر: وقد يُؤدّي الخوف من الخسارة إلى إحجام المتداولين عن الخروج من الصفقات الخاسرة لفترات طويلة أملًا في التعافي.
- إدارة المخاطر الصارمة هي عامل أساسي للتغلّب على التحيزات المعرفية: حيث يمكن أن يُساعد استخدام أوامر وقف الخسارة ووضع قواعد واضحة والاعتماد على استراتيجيات تستند إلى البيانات على تجنّب المخاطر والتخفيف من آثار التحيزات المعرفية.
- التعليم والتوعية المستمرّان أمرين بالغيّ الأهمية: إذ تُساعدان في التعرّف على التحيزات المعرفية والبقاء على اطّلاع باتجاهات السوق لاتخاذ قرارات أكثر عقلانية.
أفكار ختامية
التحيزات المعرفية تُشكل جزء لا يتجزأ من عملية اتخاذ القرار لدى البشر، إلا أنها قد تُفضي إلى عواقب وخيمة في مجال التداول. يُعدّ إدراك هذه التحيزات، كالتشبث بالمعتقد والثقة المفرطة وكراهية الخسارة، الخطوة الأولى نحو تجاوزها. ومن خلال تطبيق إدارة فاعلة للمخاطر واتباع نهج منضبط قائم على البيانات، يُمكن للمتداولين اتخاذ قرارات أكثر عقلانية وتفادي الأخطاء التي قد تُكلّفهم الكثير. ويكمن الحلّ في الوعي والمعرفة والمراجعة الذاتية المُستمرة لضمان عدم هيمنة التحيزات على استراتيجية التداول الخاصة بهم.
مشاركة
مواضيع ذات علاقة
تطبيق Exness Trade
تداول بثقة في أي وقت ومن أي مكان.
التداول ينطوي على مخاطر، والشروط والأحكام نافذة.
المزيد حول نفسية التداول
عواطف التداول
هل يجب أن تثق في ضجيج السوق؟ دروس تعلمتها من نفسية دورات السوق
عقلية التداول
ما وراء التهويل: كشف أشهر الخرافات المنتشرة في عالم التداول
عقلية التداول
"تجربتي الشخصية مع المالية السلوكية في التداول: دروس استقيتها من الواقع "
أسلوب الحياة