استكشاف تحركات سوق النفط في الربع 1 من عام 2025: تحليلي واستراتيجيتي

Antreas Themistokleous

متخصص في التداول لدى Exness

مع بداية عام 2025، يجد متداولو النفط أنفسهم أمام سوق مضطرب يجمع بين التحديات والفرص. فالتغيرات في السياسات الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية، وتقلبات العرض والطلب. يغوص أنترياس ثيميستوكليوس Antreas Themistokleous في العوامل الأساسية التي تؤثر على أسعار النفط، ويكشف عن الاستراتيجيات التي تساعد المتداولين في الحفاظ على تقدمهم وسط هذه التقلبات.

لقد قضيت سنوات في تداول النفط، وإذا كان هناك درس واحد تعلمته، فهو أن كل ربع سنة يحمل تحدياته الفريدة. ومع انطلاق عام 2025، ، يشهد السوق اضطرابات غير متوقعة بفعل متغيرات سياسية، وإجراءات اقتصادية متقلبة، وحالة عدم يقين تحيط بإمدادات النفط، مما يجعل هذه الفترة من أكثر المراحل غموضًا منذ أعوام. ومن أبرز العوامل المؤثرة في السوق، عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وما قد يترتب على ذلك من تغيرات في السياسة الاقتصادية، إلى جانب مراجعة تحالف أوبك+ لاستراتيجيات الإنتاج، فضلاً عن جهود البنوك المركزية لتحقيق توازن دقيق بين التضخم والنمو الاقتصادي. كل هذه العوامل تخلق بيئة استثمارية معقدة، حيث المخاطر مرتفعة، ولكنها في الوقت ذاته تحمل فرصًا ثمينة لمن يمتلكون القدرة على التحرك بحكمة وسط هذه التقلبات. في هذا المقال، سأتناول بالتحليل العوامل الأساسية التي تحرك أسعار النفط خلال الربع 1 من عام 2025، كما سأشارك استراتيجيتي للتعامل مع هذا المشهد المتغير بسرعة.

النقاط الرئيسية

  1. بداية متقلبة لأسعار النفط في عام 2025: التغيرات السياسية والاقتصادية تخلق تقلبات سعرية غير متوقعة. كيف يمكن للمتداولين التكيف معها ؟
  2. عامل ترامب: عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة تعيد تشكيل سياسات الطاقة. هل ستدعم إدارته أسعار النفط أم ستضغط عليها؟
  3. تنازع السيطرة بين "أوبك+" والإنتاج الأمريكي: هل تحدد تخفيضات المعروض أم الإنتاج الأمريكي غير المسبوق مسار السوق في هذا الربع؟
  4. غموض حالة قوة الطلب الصيني: أكبر مستهلك للنفط في العالم يواجه تحديات اقتصادية. هل سيؤثر ذلك على زخم الأسعار؟
  5. مستويات التداول الرئيسية التي يجب تتبعها: تشير المؤشرات الفنية إلى مناطق سعرية مفصلية. ما هي مستويات الدعم والمقاومة التي يتعين على المتداولين التركيز عليها؟

بداية متقلبة لعام 2025

يبدو أن الربع 1 من عام 2025 قد أرسى ملامح عام حافل بالتحولات الكبرى في سوق النفط. فبين الاضطرابات السياسية والتقلبات الاقتصادية الواسعة، وتغيرات ميزان العرض والطلب، تسود حالة من عدم الاستقرار الواضحة. وبصفتي متداول نشط في قطاع الطاقة، فإنني أراقب تلك التطورات عن كثب وأكيّف استراتيجيتي وفقًا لمجريات الأمور.

تأثير ترامب على أسواق النفط

لا شك أن الحدث السياسي الأبرز الذي يلقي بظلاله على الأسواق المالية هو عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم. فمن المتوقع أن تنتهج إدارته سياسات أكثر صرامة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، وضرائب الشركات، واستراتيجيات الطاقة، وهو ما قد يترك أثرًا واضحًا على سوق النفط. تاريخيًا، كان ترامب داعمًا قويًا للإنتاج النفطي المحلي، وهو ما قد يؤدي إلى بيئة تنظيمية أكثر مرونة لصالح منتجي النفط الصخري الأمريكي. ولكن، في الوقت ذاته، فإن احتمال تصاعد التوترات الجيوسياسية—لا سيما مع أعضاء أوبك+— يضيف بُعدًا آخر من التعقيد إلى المشهد.

تداعيات التعريفات الجمركية والسياسات التجارية

من بين أبرز المخاوف المطروحة على الساحة الاقتصادية، احتمال فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات، خاصة تلك القادمة من الصين والاتحاد الأوروبي. وإذا ما مضى ترامب قدمًا في تنفيذ هذه السياسة، فمن المحتمل أن يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤًا ملحوظًا، الأمر الذي قد ينعكس سلبًا على مستويات الطلب على النفط. وفي الوقت ذاته، قد تسفر توجهات الإدارة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة عن طفرة في الإنتاج النفطي الأمريكي، مما يؤدي إلى تخمة في المعروض.

الاتجاهات الاقتصادية الكلية التي تشكل أسعار النفط

بعيدًا عن المتغيرات السياسية، تؤدي العوامل الاقتصادية الكلية دورًا محوريًا في تحديد اتجاهات أسعار النفط. ومن أبرز هذه العوامل السياسة النقدية التي ينتهجها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث باتت الأسواق تتوقع استقرار أسعار الفائدة دون تغيير خلال شهر مارس. هذا التوجه عزز من قوة الدولار الأمريكي، وهو ما يفرض عادةً ضغوطًا هبوطية على أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها النفط.

التضخم وأسعار الفائدة

مع استقرار معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة نسبيًا دون مؤشرات واضحة على تسارعها، يتبع الاحتياطي الفيدرالي نهجًا حذرًا في سياساته النقدية. فالإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة يشكل تحديًا للسلع الدورية، ومن ضمنها النفط، إذ تقل جاذبيته الاستثمارية في ظل بيئة نقدية مشددة. في الوقت ذاته، يضيف الأداء القوي لسوق العمل الأمريكي مزيدًا من التعقيد للمشهد، حيث يحافظ الطلب الاستهلاكي على مستوياته رغم المخاوف المتعلقة بالتباطؤ الاقتصادي.

استجابات البنوك المركزية

تواجه البنوك المركزية العالمية—وخاصة بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي—قرارات مصيرية في هذه المرحلة. فقرار بنك اليابان الأخير بتجميد رفع أسعار الفائدة أدى إلى تراجع قيمة الين الياباني، مما جعل استيراد النفط أكثر تكلفة بالنسبة لليابان. وعلى الجانب الآخر، قد يساهم الموقف المرن الذي يتبناه البنك المركزي الأوروبي في دعم اقتصادات منطقة اليورو، وهو ما قد يساعد في الحفاظ على استقرار الطلب الأوروبي على النفط.

ديناميكيات العرض: أوبك+ والإنتاج الأمريكي

أحد العوامل الأكثر أهمية في هذا الربع هو كيفية استجابة تحالف أوبك+ لظروف السوق. حيث ستؤدي سياسات خفض الإنتاج وأهداف الإنتاج إلى دور محوري في تحديد ما إذا كانت أسعار النفط ستستقر أم ستشهد تقلبات حادة.

استراتيجيات أوبك+

حتى الآن، قامت أوبك+ بتأجيل بعض خططها الخاصة بخفض الإنتاج، مما يعكس حذرها من تشديد السوق أكثر من اللازم. وإذا واصلت المنظمة هذا النهج خلال الربع 1، فقد يؤدي ذلك إلى فائض في المعروض يبقي الأسعار تحت الضغط. ومع ذلك، فإن أي تخفيضات مفاجئة أو تطورات جيوسياسية غير متوقعة قد تقلب الموازين بسرعة.

إنتاج النفط الصخري الأمريكي في خليج المكسيك

في المقابل، يُتوقع أن يسجل إنتاج النفط الأمريكي مستويات قياسية، لا سيما في الحقول البحرية العميقة بخليج المكسيك. هذا النمو في الإمدادات قد يساعد على تعويض أي خفض محتمل من جانب أوبك+، مما قد يحدّ من ارتفاع أسعار النفط. لكن رغم ذلك، فإن تكلفة الإنتاج والتحديات اللوجستية التي تواجه قطاع النفط الصخري قد تخلق بعض التقلبات، ما يضيف عنصر عدم اليقين إلى المشهد العام للسوق.

عدم اليقين بشأن الطلب: الصين والاقتصاد العالمي

رغم أهمية جانب العرض، فإن الطلب العالمي يظل عنصرًا غير محسوم. وتشكل الصين عاملًا رئيسيًا في هذا السياق، حيث تعاني من تباطؤ اقتصادي وضعف في قطاع العقارات. وإذا جاء الطلب الصيني دون التوقعات، فقد يتسبب ذلك في ضغوط هبوطية إضافية على أسعار النفط.

السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة

على المدى الطويل، يستمر التوجه نحو السيارات الكهربائية (EVs) والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة في التأثير على الأسواق. ورغم أن الطلب على النفط لن يتلاشى بشكل مفاجئ، إلا أن التحول التدريجي نحو الطاقة النظيفة سيحدّ من احتمالات الارتفاع الكبير في أسواق النفط الخام.

تحليل فني: مستويات رئيسية للمتابعة

من منظور التداول، يبدو أن التركيبة الفنية لسوق النفط تحمل إشارات مثيرة للاهتمام. فبعد فترة من التداول ضمن نطاق ضيق خلال أواخر عام 2024، شهد السوق اختراق نحو الأعلى في ديسمبر، ليلامس النفط مستويات تقارب 79 دولار للبرميل. أما في بداية الربع 1 من 2025، فإن مؤشرات الزخم تُظهر احتمال حدوث إما تراجع تصحيحي أو استكمال الاتجاه الصاعد الأخير.

مستويات الدعم والمقاومة

  • الدعم الرئيسي: 70 دولار (تصحيح فيبوناتشي 78.6% على الإطار اليومي).
  • منطقة المقاومة: 73 دولار (تصحيح فيبوناتشي اليومي بنسبة 50% ومنطقة المتوسط المتحرك لـ50 يوم).
  • مؤشر الاستوكاستك: يشير إلى وصول السوق إلى حالة تشبع بيعي، مما قد يمهد لحركة تصحيحية صاعدة على المدى القصير.

إذا تراجعت الأسعار إلى مستوى الدعم 70 دولار، فقد تمثل هذه فرصة لشراء النفط، بشرط أن تظل العوامل الأساسية مستقرة. وعلى الجانب الآخر، فإن اختراق مستوى 71.50 دولار قد يدفع الأسعار نحو المقاومة عند 73 دولار، لا سيما إذا ظهرت مخاطر جيوسياسية في السوق.

استراتيجيتي في تداول النفط في الربع 1 من عام 2025

في ظل المعطيات الراهنة، أتبنّى نهجًا يتسم بالتفاؤل الحذر عند تداول النفط خلال الربع 1، مع تركيزٍ على الصفقات قصيرة الأجل. وفيما يلي تفاصيل خطتي:

  1. السكالبينج والتداول المتأرجح قصير الأجل: نظرًا للتقلبات العالية في السوق، أُفضّل التركيز على الصفقات قصيرة الأجل بدلًا من التداول الطويل. فحالة عدم اليقين لا تزال هي السائدة في السوق، والتغيرات الحادة في الاتجاه كثيرة الحدوث.
  2. متابعة دقيقة لبيانات "أوبك+" والتطورات الاقتصادية الأمريكية: أي أخبار تتعلق بخفض الإنتاج أو اضطرابات غير متوقعة في الإمدادات ستكون عوامل حاسمة في تحديد المسار القادم لحركة الأسعار.
  3. التحوط عبر الاستثمار في أسهم شركات الطاقة: إلى جانب تداول النفط الخام، أراقب أيضًا أسهم شركات الطاقة مثل "إكسون موبيل" (XOM) و"ليندي بي إل سي" (LIN) بحثًا عن فرص استثمارية إضافية في تدوير القيمة.
  4. الاستخدام الحكيم للمؤشرات الفنية: أستخدم مؤشرات مثل "بولينجر باند" ومستويات تصحيحات "فيبوناتشي" لتحديد أفضل نقاط الدخول والخروج من السوق.

أفكار ختامية: ربع مليء بالفرص والمخاطر

تداول النفط في الربع 1 من عام 2025 يتطلب مقاربةً متوازنة. فرغم أن العوامل الأساسية والمخاطر الجيوسياسية قد تكون محفّزات لحركة صعود أو هبوط، إلا أن التوقعات الفنية تشير إلى احتمال استمرار التذبذب قبل أن يتحدد مسار واضح للسوق.

بالنسبة لي، سيكون هذا الربع اختبارًا لقدرة المتداولين على التكيف مع تقلبات السوق، والاستجابة السريعة للمستجدات، مع التركيز على إدارة المخاطر بحكمة. سواء اختبر النفط مستويات قياسية جديدة أو تراجع نحو مستويات الدعم، ستظل هناك العديد من فرص التداول لمن هم على أتم الاستعداد.

مع تقدمنا خلال الربع 1، سأحرص على متابعة البيانات الاقتصادية، وسياسات البنوك المركزية، وتغيرات العرض والطلب العالمية عن كثب. وإذا كنت تتداول النفط هذا الربع، فوصيتي لك واضحة: ابق على اطلاع دائم، تحلَّ بالمرونة، ولا تسمح للعواطف بأن تؤثر على قراراتك الاستثمارية.

مشاركة

تداوَل مع وسيط موثوق به اليوم