هل أنت متداول انتقامي؟ كيف تتجنب هذا الخطأ الفادح؟

Tomislav Kamenecki
متخصص أول في تدريب التداول
صقل استراتيجية التداول يتطلب الانضباط الصارم لتجنب المزالق مثل التداول الانتقامي. ينقل إلينا خبير التداول توميسلاف كامينيكي خلاصة تجربته القيّمة، مؤكدًا على الدور المحوري لإدارة المخاطر في حماية المتداولين من التأثيرات السلبية للعواطف، والتي قد تُعيق مسيرتهم نحو تحقيق الأهداف المنشودة.
الأسواق لا تهتم بعواطفنا أو بما نشعر به أثناء التداول. إنها تعمل بمعزل عن آمال ومخاوف المتداولين الأفراد، وللأسف، تُعدّ الصفقات الخاسرة جزءًا من رحلة أي متداول. من الطبيعي أن تنتاب المتداولَ مشاعر الإحباط والغضب بعد تكبد الخسارة، وقد تدفعه هذه المشاعر إلى الرغبة في الانتقام من السوق، ظنًا منه أنه قادر على استعادة السيطرة أو إثبات جدارته. ورغم أن هذه المشاعر إنسانية، إلا أنها قد تقوده إلى طريق محفوف بالمخاطر. إنّ إدراك علم النفس الكامن وراء التداول الانتقامي أمرٌ جوهري، فهو يؤثر على سلامة المتداول المالية والنفسية، وعلى أدائه العام في السوق. ومن خلال وعي المتداول بسلبيات هذه العقلية، يستطيع اتخاذ قرارات أكثر عقلانية، واتباع نهج أكثر انضباطًا، مما يقوده في نهاية المطاف إلى تحقيق نجاح مستدام.
المحتوى
1. ما هو التداول الانتقامي؟ 2. المحفزات العاطفية ودورة المشاعر في التداول 3. كيفية إيقاف أو تجنب التداول الانتقامي 4. أفكار ختامية
ما هو التداول الانتقامي؟
إذن، ما هو التداول الانتقامي، وكيف يُمكنك التعرّف على العلامات التي تدل على أن عواطفك تقودك إلى هذا الطريق؟ يُعرَّف التداول الانتقامي بأنه سلوكٌ مُندفعٌ نابعٌ من رغبةٍ جامحةٍ في تعويض خسارةٍ في صفقةٍ سابقة. إذ تُؤثّر هذه الرغبة على قُدرة المُتداول على التفكير بِوُضوحٍ واتخاذ قراراتٍ رشيدة، فتدفعه إلى مُغامراتٍ غير محسوبةٍ تنحرف به عن مسار خطته المُعدّة مُسبقًا. ويتجلّى هذا السلوك في اتخاذ قراراتٍ مُتسرّعةٍ بدافع الانتقام واستعادة الخسائر، مما يُؤدّي في كثيرٍ من الأحيان إلى تكبّد خسائر أكبر.
أبطال خارقون في التداول؟
جميعنا نحب شخصيات الأبطال الخارقين على الشاشة، خاصةً في لحظات الخطر المحدق. في النهاية، دائمًا ما ينتصر الخير على الشر، وينجو العالم من الدمار. لكن في عالم التداول، لا مكان للأبطال المنتقمين. "التداول الانتقامي" هو سلوك مُدمر يقود إلى خسائر فادحة، وحسابات مُفلسة، وانهيارات عصبية. ورغم إنكار الكثير من المتداولين، إلا أن تجربة التداول الانتقامي تُعد محطة مُرّة مرّ بها أغلبهم في مسيرتهم.
كيف يبدو التداول الانتقامي؟
التّعرض للخسارة في بداية التداول قد يدفع إلى التداول بدافع الانتقام من السوق، وهو ما يُؤدّي إلى سلسلةٍ من ردود الفعل العاطفيّة المُتتالية. فبعد الخسارة الأوّليّة، غالبًا ما يُسيطر على المتداول شعورٌ قويٌّ بالرّغبة في تعويضها، فيُقدِم على صفقاتٍ أكبر حجمًا أو أكثر عددًا، مُعتقدًا أنّ اتّباع نهجٍ أكثر جُرأةً سيُساعده على استعادة خسائره سريعًا. إلّا أنّ هذا النهج يُفاقم الوضع سوءًا، ويُؤدّي إلى تكبّد المزيد من الخسائر، فيزداد إحباط المتداول. وفي هذه المرحلة، قد تُهيمن رغبة المتداول في تحقيق النّجاح في السّوق بأيّ طريقةٍ على ضرورة الالتزام بخطّة تداولٍ مُحكمةٍ واتّخاذ قراراتٍ عقلانيّةٍ ومدروسةٍ. وبدلًا من تحليل ظروف السّوق والالتزام باستراتيجيّتهم المُحدّدة، يندفع المتداولون الذين يقعون في فخّ التداول الانتقاميّ، مدفوعين بالعاطفة لا بالعقل. وهكذا، قد تتحوّل خسارةٌ واحدةٌ إلى خسارةٍ فادحةٍ، أو حتّى إلى طلب هامش، مُسبّبةً أضرارًا ماليّةً جسيمةً. ويُعدّ التداول الانتقاميّ ظاهرةً شائعةً في أوساط المُتداولين. فهي حالةٌ عاطفيّةٌ قد يُصاب بها أيّ مُتداولٍ دون سابق إنذار، وغالبًا ما تُحفّزها ضغوط السّوق. إذ يُمكن لمشاعر الغضب والإحباط واليأس أن تُؤثّر على قُدرة المُتداول على اتّخاذ القرارات الصّائبة، فتُعيق تفكيره الواضح، وتُؤدّي إلى خسارته لأمواله بسبب التّصرّف بإهمال. ولذلك، فإنّ إدراك هذه المزالق يُعدّ الخطوة الأولى نحو تجنّبها.
المحفزات العاطفية ودورة المشاعر في التداول
إحدى أصعب جوانب التداول هي إدارة التقلبات العاطفية التي ترافقه. النجاحات في الصفقات المربحة قد تجلب شعورًا بالنشوة، بينما الخسائر قد تكون مدمرة. أذكر بشكل واضح أحد الأيام عندما حققت سلسلة من الصفقات الناجحة، وشعرت بثقة كبيرة. ولكن بعد ذلك واجهت خسارة كبيرة مفاجئة هزت هذه الثقة الجديدة. التأثير العاطفي كان فوريًا؛ شعرت بمزيج من الغضب والإحباط، وكنت مقتنعًا بأنني قادر على التعافي بسرعة. في عجلة من أمري، تجاهلت خطتي ودخلت في سلسلة من صفقات البيع والشراء التي لم أحللها جيدًا. كل صفقة كانت مدفوعة بالحاجة إلى استعادة ما فقدته بدلًا من اتباع خطتي المعدة سلفًا. أدى هذا إلى خسائر متتالية، مما زاد من إحباطي وغضبي. كنت في دوامة لا نهاية لها، وكل خسارة كانت تدفعني إلى التداول بعدوانية أكثر. عندها أدركتُ هشاشة حالتي النفسية، وأنّ مشاعري تُسيطر على قراراتي وتُبعدني عن التحليل المنطقيّ. لقد كانت تلك التجربة درسًا قاسيًا علّمني أهمية ضبط النفس والسيطرة على العواطف أثناء التداول. ومنذ ذلك الحين، بدأتُ أُطبّق بعض التقنيات التي تُساعدني على التركيز واستعادة توازني، مثل تمارين التنفس العميق والابتعاد عن شاشة التداول عندما أشعر بالضغط أو التوتّر.
كيفية تتجنب التداول الانتقامي
التغلب على التداول الانتقامي ليس بالأمر السهل. فهو يتطلب فهمًا دقيقًا للدوافع النفسية التي تحرك المتداول، وضبطًا للنفس لكبح جماح الاندفاع. ويتطلب الوعي بالتأثير العاطفي على قرارات التداول وقتًا، وصبرًا، ومعرفةً حقيقيةً بالنفس. فعلى المتداول أن ينمي عقليةً تُعلي من شأن الانضباط وتُسيطر على الانفعالات، مما يُمكّنه من خوض غمار السوق بهدوء واتزان. وهكذا يتمكن من كسر قيود التداول الانتقامي، ويُحقق النجاح المنشود.
استراتيجيات إدارة المخاطر لمكافحة التداول الانتقامي
استراتيجيات إدارة المخاطر لمكافحة التداول الانتقامي لمكافحة التداول الانتقامي، من الضروريّ تطوير نهج منضبط للتداول. إليك بعض الاستراتيجيات التي ساعدتني ويمكن أن تساعد الآخرين على تجنّب هذا السلوك المدمّر: 1. وضع خطّة تداول: إنّ وجود خطّة تداول محدّدة بوضوح أمر بالغ الأهمية. يجب أن تحدّد هذه الخطة استراتيجيات الدخول والخروج، وتقنيات إدارة المخاطر، والمعايير المحدّدة لإجراء الصفقات. يساعد الالتزام بالخطة على التخفيف من اتخاذ القرارات العاطفية. 2. طبّق منهجية للتعامل مع الخسارة: بعد التعرّض لخسارة، تراجع خطوة إلى الوراء و قيّم الوضع. لا تتسرع لفتح صفقة أخرى، بل ينبغي اتباع منهجية منظمة لاستيعاب الخسارة وتحليلها، ومن ثمّ التخطيط السليم للمستقبل. قد يشمل ذلك مراجعة صفقاتك، وكتابة ملاحظاتك في مفكّرة التداول، وتحليل الأخطاء الذي حدثت، والتخطيط لتصحيحه في المستقبل. 3. اليقظة الذهنية: تقنيات اليقظة الذهنية يمكن أن تساعد المتداولين على أن يكونوا أكثر وعياً بحالتهم العاطفية. حيث تُمكنهم من إدراك تأثير مشاعرهم على قراراتهم. وبالتالي، عندما يلاحظ المتداول أن عواطفه تؤثر عليه، يجب أن يتوقف مؤقتًا ويُعيد تقييم الموقف قبل اتخاذ أي إجراء. 4. تقليل أحجام الصفقات: للتخفيف من حدة الخسائر المحتملة، عند التعرض لخسارة، يُفضل تقليص حجم الصفقة التالية. يساهم هذا الأسلوب في كبح جماح التداول المفرط، النابع غالباً من الرغبة الجامحة في تعويض الخسارة، ويُجنّب المتداول مزيداً من الضغوط النفسية. 5. طلب المساعدة: التفاعل مع المتداولين الآخرين أو طلب المشورة و التوجيه، يمكن أن يوفّر أفكار ودعم قيّمين. تبادل التجارب مع الآخرين يساهم في التخفيف من وطأة التحديات النفسية التي تواجهها أثناء التداول، ويفتح آفاقًا جديدة لاستراتيجيات فعالة للتغلب على العقبات العاطفية.
وضع قواعد التداول
بعد استعراض بعض نصائح إدارة المخاطر، عليك التفكير في وضع قواعد تداول شخصية لتجنب الوقوع في فخ التداول الانتقامي. تستطيع الاستعانة بأدوات وخصائص منصة التداول مثل أوامر إيقاف الخسارة وجني الأرباح. اختر القواعد التي تتوافق مع أسلوبك واستراتيجياتك في التداول. فيما يلي 10 قواعد تساعدك على تجنب التداول العاطفي أو الانتقامي: 1. التزم بخطة تداول محدّدة مسبقًا: اتّبع دائمًا خطّة تداول مدروسة جيّدًا تتضمّن نقاط الدخول والخروج، ومستويات إيقاف الخسارة، وأهداف جني الربح. لا تحيد عنها أبدًا تحت تأثير العواطف. 2. حدّد أوامر إيقاف الخسارة والتزم بها: حدّد جيدا المخاطر التي يمكن أن تتحملها في كلّ صفقة، واضبط أوامر وقف الخسارة وفقًا لذلك. هذا يحمي من الخسائر الكبيرة ويقلل من الحاجة إلى اتخاذ قرارات متهوّرة. 3. الحد من نشاط التداول اليومي: حدّد عددًا أقصى من الصفقات يوميًا، أو حدّد ساعات التداول لتجنّب الإفراط في التداول، والذي غالبًا ما ينبع من الإحباط أو الرغبة في استرداد الخسائر. 4. تجنّب التداول بعد خسائر كبيرة: إذا تعرّضت لخسارة كبيرة، خذ قسطًا من الراحة. لا تتداول حتّى يكون لديك الوقت لتهدأ وتعيد تقييم السوق بموضوعية. 5. استخدم استراتيجيات إدارة المخاطر: لا تخاطر أبدًا بأكثر من نسبة صغيرة من رأس مالك في صفقة واحدة. هذا يساعد على حماية محفظتك من القرارات العاطفية عالية المخاطر. 6. احتفظ بمفكّرة تداول: وثّق صفقاتك، بما في ذلك الأسباب الكامنة وراءها والمشاعر التي شعرت بها. يمكن أن تساعدك مراجعة هذه المفكّرة على تحديد الأنماط في التداول العاطفي، وإجراء التعديلات اللازمة. 7. حدّد أهدافًا واقعية: ضع توقّعات ربح واضحة وواقعية. يمكن أن تؤدّي الأهداف غير الواقعية إلى الإحباط، وإغرائك لإجراء صفقات محفوفة بالمخاطر لتحقيقها. 8. تدرّب على الصبر والانضباط: تجنب الاندفاع للدخول في السوق بعد الخسارة. انتظر حتى تلوح فرصة تداول مناسبة تتوافق مع استراتيجيتك. 9. تجنّب التداول خلال أوقات التوتّر الشديد: كن على دراية بحالتك العاطفية والعقلية. إذا كنت تشعر بالتوتر أو القلق أو الانزعاج، فمن الأفضل تجنّب التداول حتّى تكون في حالة ذهنية أكثر هدوءًا. 10.خذ فترات راحة منتظمة: ابتعد عن الشاشة بانتظام لتجنّب الانغماس الشديد في تحرّكات السوق. سيساعدك ذلك في الحفاظ على منظور متوازن، و يقلّل من احتمالية التداول العاطفي.
أفكار ختامية
التداول الانتقامي هو فخّ شائع قد يؤدي إلى خسائر فادحة. يجب على المتداولين إدراك علامات هذا النوع من التداول وتطبيق استراتيجيات فعّالة لمواجهته، وبالتالي تعزيز نهج منضبط وعقلاني يمنع الوقوع في هذا السلوك الهدّام. النجاح في التداول يتطلب وقتًا وجهدًا وصبرًا. عند مواجهة انتكاسات التي تولد الرغبة في التداول الانتقامي، من الضروري التركيز على الأهداف والالتزام بخطة التداول الموضوعة. إنّ ثمار الانضباط والعقلانية في التداول تستحقّ العناء. في الختام، التداول الانتقامي هو تحدّ يواجه العديد من المتداولين في مسيرتهم. حاول فهم الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك، فهي ليست عصيّة على الحل. من خلال المعرفة والوعي الذاتي وتطبيق الاستراتيجيات الفعّالة، يمكنك التغلب على هذه العقبة والخروج منها أقوى وأكثر حكمة، ومستعدًا لمواجهة تقلبات السوق بثقة متجددة. لذا، واصل التعلّم والتطوّر، وثق بقدرتك على تحقيق النجاح. قد يكون طريق إتقان التداول مليئًا بالتحديات، ولكنه زاخر أيضًا بفرص النموّ والإنجاز.
مشاركة
مواضيع ذات علاقة
تطبيق Exness Trade
تداول بثقة في أي وقت ومن أي مكان.
التداول ينطوي على مخاطر، والشروط والأحكام نافذة.
المزيد حول نفسية التداول
عواطف التداول
هل يجب أن تثق في ضجيج السوق؟ دروس تعلمتها من نفسية دورات السوق
عقلية التداول
ما وراء التهويل: كشف أشهر الخرافات المنتشرة في عالم التداول
عقلية التداول
"تجربتي الشخصية مع المالية السلوكية في التداول: دروس استقيتها من الواقع "
أسلوب الحياة