كيف تؤثر الانتخابات على الأسواق: الاتجاهات و التقلبات ونصائح للمتداولين

Katerina Parpa

صحفية متخصصة في التداول لدى Exness

كيف تؤثر الانتخابات على الأسواق المالية، وما هي الاستراتيجيات المُثلى للتعامل مع التقلبات المُصاحبة لها؟ في هذا المقال يُشارك ثلاثة خبراء تداول من Exness رؤاهم حول الاتجاهات الرئيسية وأنماط التقلب المُحيطة بالانتخابات، وكيف تتفاعل معها مختلف فئات الأصول المالية، كما يُقدمون نصائح حول أفضل الممارسات لتحويل تحركات السوق إلى فُرص استثمارية.

تُمثل الانتخابات حدثًا محوريًا يُمكن أن يُؤثر بشكلٍ كبير على الأسواق المالية المحلية والعالمية. غالبًا ما يُؤدي الغموض المُحيط بنتائج الانتخابات إلى زيادة تذبذب السوق، مما يخلق فُرصًا ومخاطرًا للمستثمرين. وعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات تختلف، إلا أن الاتجاهات التاريخية توفر نظرة ثاقبة حول كيفية تفاعل الأسواق عمومًا خلال سنوات الانتخابات. سنستكشف في يلي تأثير الانتخابات على الأسواق المالية، ع التركيز على الاتجاهات، التقلبات، وأفضل الممارسات للتعامل مع تحركات السوق الناتجة عن الانتخابات.

الاتجاهات التاريخية: كيف تؤثر الانتخابات على الأسواق

تاريخيًا، ارتبطت سنوات الانتخابات بأداءٍ إيجابيٍّ لأسواق الأسهم. فوفقًا لخبير التداول في Exness ستانيسلاف بيرنوخوف، سجّل مؤشرا S&P 500 و FTSE 100 مكاسب في معظم سنوات الانتخابات منذ عام 1960، واستمر هذا النمط رغم التحولات السياسية والتقلبات الاقتصادية. ويبلغ متوسط مكاسب مؤشر S&P 500 خلال سنوات ما قبل الانتخابات حوالي 10%، مما يعكس حالة التفاؤل التي قد ترافق دورات الانتخابات، إذ غالبًا ما يتوقع المستثمرون استقرارًا أو تغيرات إيجابية، مما يدفع الأسواق نحو الارتفاع.

لكن، ثمة استثناءات لهذا الاتجاه. ففي عامي 2000 و 2008، على سبيل المثال، تأثرت الأسواق سلبًا بأزمات اقتصادية أوسع نطاقًا - انفجار فقاعة الإنترنت عام 2000 والأزمة المالية العالمية عام 2008. تُظهر هذه الأمثلة أنه رغم التفاؤل قصير المدى الذي قد تجلبه الانتخابات، إلا أنَّ عوامل خارجية، مثل الظروف الاقتصادية والأحداث العالمية، يمكن أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على أداء السوق.

وفي هذا السياق، يضيف المتداول والمستثمر الخبير مايكل ستارك: "تميل الأسواق إلى تفضيل الرئيس الجمهوري نظرًا لسياساته الداعمة للأعمال، ولكن عند انتخاب رئيس ديمقراطي، يميل الذهب إلى الارتفاع حيث يلجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة في أوقات عدم اليقين". ويُعدّ هذا اتجاهًا ملحوظًا للذهب، الذي سجّل تاريخيًا أداءً جيدًا في أوقات عدم اليقين السياسي أو عندما يُتوقع أن تكون السياسات أقل ملاءمة للأعمال.

التقلبات وتوقيتها: تحركات ما قبل الانتخابات وما بعدها

تقلبات الأسعار العالية هي أحد أبرز سمات فترات الانتخابات. إذ يُمكن لحالة عدم اليقين التي تُحيط بنتائج الانتخابات أن تُؤثر سلبًا على الأسواق، مُسببةً تذبذباتٍ حادة في أسعار الأصول. ولا يقتصر هذا التقلب على الفترة السابقة للانتخابات فحسب، بل قد يستمر اضطراب الأسواق حتى بعد إعلان النتائج.

وفي هذا السياق، يُشير ستانيسلاف إلى أن "التقلب يميل إلى الارتفاع تزامنًا مع الانتخابات الرئيسية. ولا يقتصر ظهوره على الفترة التي تسبق الانتخابات مباشرةً، بل قد يظهر أيضًا في أعقابها. فعلى سبيل المثال، شهد الجنيه الإسترليني في عام 2024 نشاطًا ملحوظًا بعد الانتخابات العامة، لتعكس حالة عدم اليقين التي سادت الأسواق حتى بعد انتهاء عملية التصويت". ويُعزى ذلك إلى أن ردود فعل المستثمرين لا تقتصر على هوية الفائز فحسب، بل تتعداها إلى السياسات التي ستُطبقها الحكومة الجديدة وتأثيرها المُحتمل على الشركات والاقتصاد ككل.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية تُشكل مثالًا واضحًا على هذه الديناميكية. فغالبًا ما تشهد فترات الانتخابات الكثير من التكهنات، حيث تتأثر الأسواق باستطلاعات الرأي والمُناقشات والتطورات السياسية. وعليه، ينبغي للمُتداولين والمُستثمرين إدراك أن دورات الانتخابات، رغم ما تُتيحه من فرصٍ مُحتملة، إلا أنها تنطوي أيضًا على مخاطر حدوث تصحيحاتٍ حادة في السوق، خاصةً إذا جاءت نتيجة الانتخابات مُخالفةً للتوقعات أو مثيرةً للجدل.

التأثيرات القطاعية: الأسهم والسندات والذهب

تتباين استجابات فئات الأصول المختلفة للانتخابات. فعلى سبيل المثال، قد تحقق الأسهم مكاسب في ظل بيئة أعمال إيجابية، خاصة إذا توقعت الأسواق تبني سياسات داعمة لها. في المقابل، عادةً ما يُفضل اللجوء إلى السندات والذهب في أوقات عدم اليقين، باعتبارهما ملاذًا آمنًا. ويُتيح هذا التباين في الأداء بين فئات الأصول فرصًا لتنويع الاستثمارات.

ويُشير ستانيسلاف إلى العلاقة بين السندات والأسهم خلال دورات الانتخابات، قائلاً: "غالبًا ما تُعد السندات خيارًا أكثر أمانًا من الأسهم. فعندما ترتفع عوائد السندات، تتجه رؤوس الأموال إليها، مما يُضعف أداء الأسهم، والعكس صحيح." ويُعد فهم هذه العلاقة العكسية أمرًا بالغ الأهمية للمتداولين عند تحديد مراكز محافظهم الاستثمارية قبيل الانتخابات، لا سيما في ظل حالة عدم اليقين التي تُحيط بالنتائج.

وفي سياق متصل، يرتبط الذهب بعلاقة خاصة بالانتخابات الأمريكية. يُلاحظ مايكل أن "سعر الذهب يميل إلى الارتفاع عند انتخاب رئيس ديمقراطي، وينخفض في حال فوز مرشح جمهوري." ويُعزى ذلك إلى اعتبار الذهب أداة للتحوط من عدم اليقين والتضخم، وكلاهما قد يرتفع مع تغير الإدارة الحاكمة. فعلى سبيل المثال، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بعد انتخاب باراك أوباما عام 2008، حيث دفعت الأزمة المالية العالمية المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة.

أفضل الممارسات للتداول في الأسواق المتأثرة بالانتخابات

نظراً لتنامي مستوى التقلبات وحالة عدم اليقين التي تُصاحب الانتخابات، فمن الأهمية بمكان أن يتعامل المستثمرون والمتداولون مع هذه الفترات وفق استراتيجية مُحكمة. ورغم أن التنبؤ بنتائج الانتخابات بدقة أمر غير ممكن، إلا أن هناك طرقًا لتخفيف المخاطر والاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه الأحداث.

أولاً، من الضروري تجنُّب الثقة المُفرطة خلال هذه الفترات. وكما أوضح خبير التداول في شركة Exness، السيد أندرياس ثيميستوكليوس، فإن أحد أبرز التحيزات المعرفية في التداول هو "وهم السيطرة". إذ يعتقد المُتداولون أحياناً أن لديهم معلومات تفوق ما يملكونه حقيقةً، خاصةً خلال الأحداث التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة كالإنتخابات. ويمكن أن يُفضي هذا الإفراط في الثقة إلى اتخاذ قرارات غير سليمة، كمُغالاة المُخاطرة بناءً على معلوماتٍ تخمينية. وعوضاً عن ذلك، ينبغي على المستثمرين التركيز على الاستراتيجيات المُستندة إلى البيانات والتحلّي بالانضباط في اتخاذ القرارات.

التنويع هو استراتيجيةً محوريةً أخرى خلال فترات الانتخابات. فمن خلال الاحتفاظ بمزيج مُتنوع من الأصول المالية تشمل الأسهم والسندات والسلع - مثل الذهب -، يمكن للمستثمرين حماية أنفسهم من الانخفاضات الحادة في أي سوق. علاوةً على ذلك، يُمكن أن تُساعد مُتابعة المُؤشرات الاقتصادية الكُبرى، كأسعار الفائدة وتوقعات التضخم، المُتداولين على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا.

أخيراً، من الضروريّ وضع استراتيجية خروج واضحة. إذ يُمكن أن تتذبذب الأسواق بشكلٍ كبيرٍ تبعاً لنتائج الانتخابات، لذا ينبغي على المستثمرين تحديد أوامر إيقاف الخسارة ووضع خطط مُسبقة تتعلق بتوقيت الخروج من الصفقات في حال أصبحت التقلبات مُفرطة.

النقاط الرئيسية

  1. سنوات الانتخابات تدعم الأسواق: تاريخيًا، شهد مؤشرا S&P 500 وFTSE 100 ارتفاعًا في معظم سنوات الانتخابات، مع تحقيق متوسط ارتفاع بنسبة 10% لمؤشر S&P 500 خلال السنوات التي تسبق الانتخابات.
  2. التقلبات تزيد خلال الانتخابات: تشهد الأسواق غالبًا تقلبات عالية قبل وبعد الانتخابات نتيجة ردود فعل المستثمرين على حالة عدم اليقين السياسي.
  3. الأحزاب السياسية تؤثر على فئات الأصول: تستفيد الأسهم عادةً من السياسات المؤيدة للأعمال تحت رئاسة جمهورية، بينما يميل الذهب إلى زيادة قيمته خلال فترات الرئاسة الديمقراطية.
  4. العلاقة العكسية بين السندات والأسهم: خلال دورات الانتخابات، يمكن لارتفاع عوائد السندات أن يضغط على الأسهم، بينما يدفع انخفاض العوائد إلى تدفق رأس المال نحو الأسهم.
  5. تجنب التحيزات المعرفية: قد تؤدي الثقة المفرطة ووهم السيطرة إلى اتخاذ قرارات استثمارية غير سليمة خلال فترات الانتخابات. من الضروري الالتزام بالانضباط واتخاذ القرارات بناءً على البيانات والتحليلات الموضوعية.
  6. التنويع هو الأساس: امتلاك محفظة استثمارية متوازنة من الأسهم والسندات والسلع مثل الذهب يمكن أن يساهم في تخفيف المخاطر خلال الفترات الانتخابية المضطربة.
  7. استراتيجية الخروج ضرورية: قد تتفاعل الأسواق بشكل حاد مع نتائج الانتخابات غير المتوقعة، لذا من المهم وضع أوامر وقف خسارة واضحة ومعرفة التوقيت المناسب للخروج من الصفقات.

أفكار ختامية: تحويل تقلبات الانتخابات إلى فرصة

    يمكن للانتخابات أن تخلق تقلبات كبيرة في الأسواق المالية ولكنها تقدم أيضًا فرصًا فريدة للمستثمرين. ومن خلال فهم الاتجاهات التاريخية، توقيت التقلبات، وكيفية تفاعل فئات الأصول المختلفة، يمكن للمتداولين والمستثمرين اتخاذ أفضل القرارات. وكما أشار الخبراء ستانيسلاف و مايكل و وأندرياس، فإن الانتخابات أحداث معقدة لا تحدث بمعزل عن غيرها. فهي تتفاعل مع عوامل اقتصادية أوسع، ويمكن أن يكون تأثيرها فوريًا وطويل الأمد في الوقت نفسه.

    بالنسبة للمستثمرين والمتداولين، يكمن المفتاح للتعامل مع الأسواق المتأثرة بالانتخابات في التحلّي بالالتزام و الانضباط، وتجنب التحيزات الإدراكية و المعرفية، والتنويع. ورغم أن نتائج الانتخابات وتأثيراتها أمور غير قابلة للتنبؤ، إلا أن اتباع الاستراتيجيات الصحيحة يمكن أن تحول التقلبات إلى فرص مُربحة.

مشاركة

تداوَل مع وسيط موثوق به اليوم