لماذا أراقب الذهب والدولار والين عن كثب في عهد ترامب الجديد؟

Terence Hove
كبير استراتيجيي أسواق المال
كيف ستُعيد السياسات الجمركية التي يتّبعها ترامب، وقرارات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح، تشكيل مشهد الأسواق المالية في هذه المرحلة الجديدة؟ يعرض الخبير والمحلل في شؤون التداول، تيرينس هوف Terence Hove، تحليلًا وافيًا لأبرز الاتجاهات المؤثرة على الذهب (XAU)، ومؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، والين الياباني (JPY)، مبينًا الأسباب التي تجعل متابعة هذه الأصول أمرًا بالغ الأهمية.
بصفتي محللًا في أسواق المال، أتابع باهتمام كبير العوامل التي تدفع الأسواق للتحرك، وقد أضفت عودة ترامب إلى منصب الرئاسة بعدًا جديدًا من التقلّبات. ففي الوقت الذي يشهد فيه الذهب ارتفاعات تاريخية مدفوعة بحالة من الضبابية الاقتصادية، يشهد مؤشر الدولار الأمريكي تراجعًا نتيجة التغيرات في سياسة اللجنة الفيدرالية بشأن أسعار الفائدة. وفي المقابل، يبقى الين الياباني في موقع مختلف، إذ يتأثر بعوامل متداخلة تشمل حالة العزوف العالمي عن المخاطرة، والسياسات النقدية المتّبعة في اليابان. في هذا المقال، أسلّط الضوء على كيفية تفاعل هذه الأصول الثلاثة — الذهب، والدولار، والين — مع السياسات المستجدة لترامب، ومع المشهد الاقتصادي الأوسع، مشيرًا إلى أبرز النقاط التي ينبغي للمتداولين مراقبتها خلال الأشهر المقبلة.
أبرز النقاط:
- ما الذي يدفع الذهب إلى تسجيل مستويات غير مسبوقة؟ ارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة مع تزايد الإقبال عليه كملاذ آمن، مدفوعًا بسياسات ترامب الجمركية وحالة القلق حيال الاقتصاد العالمي. لكن هل سيستمر هذا الزخم؟
- هل يفقد الدولار الأمريكي بريقه؟ رغم المكاسب التي حققها بعد الانتخابات، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي لاحقًا. فهل تؤدي قرارات اللجنة الفيدرالية المرتقبة بشأن أسعار الفائدة إلى مزيد من الضعف؟
- حركة الين الياباني المتقلبة : بصفته ملاذًا آمنًا، سجّل الين الياباني ارتفاعًا في بدايات التحركات، غير أن تباين الإشارات الصادرة عن الأسواق العالمية والسياسة النقدية اليابانية خلق حالة من الترقّب وعدم الوضوح.
- أهمية أسعار الفائدة في هذه المعادلة : غالبًا ما تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى دعم الذهب وإضعاف الدولار. فماذا تعني التخفيضات المحتملة في 2025 بالنسبة للمستثمرين؟
- كيف يستعد المتداولون؟ التقلّبات الراهنة تتطلّب خططًا مدروسة، تجمع بين التحليل الفني والأساسي، لرصد فرص تداول واعدة. فهل أعددت العدّة وتهيّأت لهذه المرحلة ؟
أثر عودة ترامب على الأسواق المالية
أثر رجوع دونالد ترامب إلى سدة الحكم تأثيرًا عظيمًا في مجريات الأسواق المالية، لا سيما في حركة الذهب، ومؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، وعملة الين الياباني (JPY). فمنذ أن تولّى زمام الرئاسة، برزت تحرّكات لافتة في هذه الأصول، عكست مزاج السوق وتفاعل المستثمرين مع توجهاته السياسية.
الذهب: ملاذ آمن في ظل الضبابية
ارتفاع أسعار الذهب وتقلب الأسواق
منذ أن تولّى الرئيس ترامب زمام الحكم، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بلغ مستويات غير معهودة من قبل. ويُعزى هذا الصعود أساسًا إلى اشتداد الاضطرابات في الأسواق، بالإضافة إلى حالة الغموض التي أثارتها سياساته الجمركية الصارمة. فمع إعلانه فرض رسوم جمركية على عدد من الدول، سارعت جموع المستثمرين إلى البحث عن الملاذ الآمن، يتقدّمها الذهب دون منازع. وقد أسفر ذلك عن قفزة حادّة في الأسعار، متجاوزة حاجز 2900 دولار أمريكي للأونصة، وسط طلب متزايد من المستثمرين الساعين للتحوّط من التضخم المحتمل والمخاطر الجيوسياسية التي رافقت المسار التجاري للرئيس ترامب.
عوامل مؤثرة في أسعار الذهب
ثمة مجموعة من العوامل الأساسية يُتوقع أن تواصل التأثير على حركة أسعار الذهب، أبرزها:
- التحوّط من التضخم: يُنظر إلى الذهب تقليديًا بوصفه أداة تحوّط من تآكل القوة الشرائية الناتج عن التضخم، إذ يحتفظ بقيمته على المدى الطويل. ومع استمرار الضغوط التضخمية، قد يبقى الذهب عند مستويات مرتفعة، وربما يسجّل قممًا جديدة.
- التوترات الجيوسياسية: الأزمات المتواصلة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، إلى جانب النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، قد تدفع المتداولين مجددًا نحو الذهب كملاذ آمن. وإذا ما تصاعدت هذه الأزمات، فمن المرجّح استمرار الاتجاه الصاعد للذهب.
- السياسات النقدية: تؤثر قرارات البنوك المركزية، وبخاصة تلك المتعلقة بأسعار الفائدة، تأثيرًا مباشرًا على الذهب. فكلما انخفضت الفائدة، تراجع العائد من الأصول غير المدرة للدخل مثل الذهب، ما يعزز من جاذبيته. وتشير التوقعات إلى احتمال خفض أسعار الفائدة الأمريكية في عام 2025، ما قد يُضعف الدولار ويدفع بأسعار الذهب إلى مستويات أعلى.
مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) في عهد ترامب
تراجع المؤشر وتبدّل المزاج العام في السوق
في المقابل، فقد سجّل مؤشر الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا، حيث انخفض بنسبة تتجاوز 1.2% منذ تنصيب ترامب، وذلك بحسب آخر البيانات المتوفرة. ورغم أن العملة الأمريكية شهدت انتعاشًا في البداية عقب إعلان فوزه، إلا أنها عادت إلى الهبوط نتيجة عمليات جني الأرباح، والتأخير في تنفيذ قرارات الرسوم الجمركية. فقد كان المستثمرون يتوقعون دعمًا قويًا للدولار، إلا أن تردّد ترامب في فرض الرسوم أضعف المؤشر، خاصةً مع انحسار المخاوف المتعلقة بالتضخّم.
دور الاحتياطي الفيدرالي في تحركات مؤشر الدولار
وقد زاد من الضغوط على الدولار ما أبداه مجلس الاحتياطي الفيدرالي من إشارات إلى تباطؤ وتيرة تقليص ميزانيته العمومية. وتتمثل أبرز العوامل المؤثرة في المؤشر فيما يلي:
- توقعات التضخم: تراجع المخاوف من التضخم من شأنه أن يُضعف الدولار، لاسيما إن اقترن باحتمالات خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
- توجّهات أسعار الفائدة: من المرجّح أن يُسهم خفض الفائدة المرتقب في عام 2025 في إضعاف مؤشر الدولار الأمريكي، ما قد يزيد من جاذبية الذهب والأصول المالية الأخرى بوصفها بدائل استثمارية.
الين الياباني (JPY) وأداؤه المتباين
دور الين كعملة ملاذ آمن
اتّسم أداء الين الياباني بالتقلّب في ظل هذه المستجدات. فمع تولّي ترامب الحكم وما رافقه من تحرّكات في الأسواق، ارتفع الين في بادئ الأمر أمام الدولار، لما له من مكانة كعملة ملاذ آمن. غير أنّه سرعان ما واجه صعوبة في الحفاظ على تلك المكاسب، وذلك بفعل الاضطرابات المتواصلة في الأسواق العالمية، الناتجة عن المفاوضات التجارية الجارية والسياسات الاقتصادية التي انتهجها ترامب.
أثر السياسة النقدية اليابانية
أثّر القرار الأخير برفع سعر الفائدة الصادر عن بنك اليابان في حركة الين الياباني، وذلك ضمن سعي البنك إلى ترسيخ الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات الخارجية. وتتأثر تحركات الين بعدة عوامل، من أبرزها:
1. مزاج المخاطرة العالمي: في أوقات القلق وعدم اليقين، يلجأ المستثمرون عادةً إلى الين الياباني باعتباره ملاذًا آمنًا، غير أن التقلّبات في السياسات التجارية العالمية قد تؤدي إلى أداء متذبذب للين.
2. تعديلات أسعار الفائدة: تلعب قرارات بنك اليابان دورًا كبيرًا في تحديد قوة الين، لا سيما عند مقارنتها بتحركات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
التعامل مع تقلبات السوق في عهد ترامب
شهدت الأسواق المالية موجة من الاضطراب مع تولّي ترامب زمام الحكم، فارتفعت أسعار الذهب مدفوعة بحالة من الغموض وعدم اليقين، فيما تراجع الدولار الأمريكي بفعل عمليات جني الأرباح وتأخّر تنفيذ الرسوم الجمركية. أما الين الياباني، فقد تأثّر تأثّراً متبايناً نتيجة تفاعل السياسة النقدية المحلية مع الأحوال الاقتصادية العالمية.
أهمية هذه الأصول في فهم السوق
تعكس هذه الأدوات اتجاهات السوق وتُظهر كيفية تفاعل المستثمرين العالميين مع المخاطر الاقتصادية المرتبطة بسياسات ترامب. والإلمام بها ضروري لكل من يسعى لفهم حركة الأسواق والتداول بفعالية:
- الذهب (XAU): يُعد من الأصول المالية الآمنة التي ترتفع قيمتها عادةً في أوقات الاضطراب، لا سيما خلال التحولات السياسية.
- مؤشر الدولار الأمريكي (DXY): يقيس قيمة الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات العالمية، ويُعد مؤشرًا على تحولات الاقتصاد العالمي.
- الين الياباني (JPY): عملة ملاذ آمن، تزداد قوتها في فترات عدم الاستقرار السياسي أو تقلبات الأسواق.
نظرة مستقبلية: اعتبارات رئيسية للمستثمرين
في المرحلة المقبلة، يُتوقَّع أن تؤثر عوامل عدة على حركة الأسواق، منها تطورات معدلات التضخم، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، واستراتيجيات البنوك المركزية في إدارة السياسة النقدية. كل هذه العوامل قد تعزز جاذبية الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطراب. ومع تزايد المخاوف الاقتصادية وتزايد احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية، قد يرى المستثمرون في الذهب خيارًا أكثر إغراءً للتحوّط وتنويع محافظهم.
تقييم المخاطر وبناء الاستراتيجية
ينبغي على المستثمرين أن يتحققوا بدقة من جميع عناصر المخاطرة من خلال الموازنة بين التحليل الفني والتحليل الأساسي، لبناء أفكار تداول متينة وواضحة. ومن أبرز الأساليب في هذا السياق:
- التحليل الفني: دراسة الرسوم البيانية للأسعار، والتعرّف على الاتجاهات والأنماط بهدف تحديد فرص تداول محتملة.
- التحليل الأساسي: تقييم المؤشرات الاقتصادية والأخبار السوقية لفهم الصورة الاقتصادية الشاملة.
أفكار ختامية
من ارتفاع الذهب إلى تراجع الدولار، ومن غموض مسار الين إلى تقلبات الأسواق، يبدو أن ردود الفعل المالية تزداد حساسية تجاه قرارات ترامب وتحركات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح. إننا ندخل مرحلة جديدة، تتسارع فيها التأثيرات السياسية والاقتصادية على حركة الأسواق، وهو ما يجعل القدرة على التكيّف واتخاذ قرارات مدروسة ضرورة لا غنى عنها.
كـمتداولين، علينا أن نكون على استعداد لمواكبة هذه التحولات، عبر متابعة دقيقة لتحركات الأسعار والمؤشرات الاقتصادية الكلية. أما عن منهجيتي في التداول، فهي تقوم على الدمج بين التحليل الفني والرؤية الأساسية، لضمان بناء استراتيجية متوازنة تُمكّنني من إدارة التقلبات بكفاءة.
إن كنت من المتداولين أو المستثمرين الساعين إلى التفوّق في الأسواق، فالوقت قد حان لصقل استراتيجيتك. تابع أحدث ما نطرحه من تحليلات وتوجيهات لتُقدم على قرارات تداول مدروسة، ولا تنسَ أن تجرّب استراتيجياتك أولاً عبر حساب تجريبي خالٍ من المخاطر.
مشاركة
مواضيع ذات علاقة
تطبيق Exness Trade
تداول بثقة في أي وقت ومن أي مكان.
التداول ينطوي على مخاطر، والشروط والأحكام نافذة.
المزيد حول تحليلات معمقة
آراء الخبراء
أخبار الرسوم الجمركية الجديدة لترامب: أبرز ما ينبغي على المتداولين والأسواق متابعته
آراء الخبراء
رؤيتي لتأثير رسوم ترامب الجمركية على التجارة العالمية
آراء الخبراء
رؤيتي حول ديب سيك: كيف تحوّل مشروع جانبي إلى نقطة تحوّل كبرى
تحليل